رحلة المدير الإداري لبروسيا دورتموند يواخيم فاتسكه إلى دونيتسك لم
تكن سهلة عندما أنهى التعاقد مع لاعب الوسط المهاجم الأرميني هينريخ مخيتاريان في
يوليو 2013، مؤكداً :" هذا كان بوضوحٍ
انتقالاً صعباً جداً، لكننا أردنا فعلا أن نقوم بذلك". تم التعاقد مع
مخيتاريان من شاختار دونيتسك الأوكراني للانتقال إلى بروسيا دورتموند في صيف 2013،
لكنه منذ ذلك الوقت لم يلاقي النجاح المنتظر منه في ألمانيا.
قضية مخيتاريان، ودور ناديه شاختار دونيتسك، من أكثر المسائل دراسة بسبب ملكية
الطرف الثالث التي منعت في الدوري الإنجليزي الممتاز منذ 2007، وعليها انتقادات
كبيرة من الإتحاد الأوروبي لكرة القدم "الويفا"، والإتحاد الدولي لكرة
القدم "الفيفا"، واتحاد اللاعبين "فيفبرو".
طوال صيف 20013، كان مخيتاريان مرتبطا بالانتقال إلى ليفربول الذين حاولوا
إنجاح مفاوضاتهم والاتفاق مع الأوكرانيين حول ضم اللاعب قبل التوجه إلى الرور.
موقف الأرميني لم يكن واضحاً كما نشر لاحقاً في الصحيفة الألمانية
"زويدويتشه"، التي ذكرت أن عقد مخيتاريان لديه أكثر من مالك، الأمر الذي
أعاق خطط ليفربول في التوقيع مع هداف الدوري الأوكراني الممتاز في موسم 2012|2013.
وعلى العموم، مصادر أخرى كانت قد ذكرت أن مخيتاريان لم يكن مهتماً فعلا بالانتقال
إلى ملعب الآنفيلد.
بينما يواجه آخرون صعوبات، أندية البوندسليغا يمكنها
التوقيع مع لاعبين من الإتحاد السوفياتي سابقاً بحكم إمكانية نجاح مفاوضاتها مع
أنديتهم، وكذا عدم وجود مشاكل بالنسبة لملكية الطرف الثالث. لاعبون مثل: رافاييل
فان دير فارت (من توتنهام إلى هامبورغ) ولوكاس بودولسكي (من كولن إلى بايرن
ميونيخ) تم تمويل التعاقدين عبر طرف ثالث أيضاً، بشكل قانوني!!
وبحسب هذه الجزئيات، لم يكن مفاجئاً انتقال مخيتاريان إلى دورتموند
والبوندسليغا.
في يونيو 2013، روبن هايرابيتيان، ميلياردير أرميني، مالك إمبراطورية أعمال
تضم أيضاً نادي كرة القدم الأرميني بيونيك ييريفان، عضو سابق في البرلمان
الأرميني، ورئيس إتحاد كرة القدم الأرميني، ذكر في تصريح لوكالة الأخبار الرياضية
الأرمينية "أرمسبورت"، أن شاختار دونيتسك يمتلك فقط 50 بالمائة من عقد
مخيتاريان. النصف الآخر بين ناديي ميكي السابقين ميتالورغ دونيتسك وبيونيك.
في نهاية موسم 2012|2013 وعندما سافر مخيتاريان من دونيتسك إلى فيينا، عبر عن
عدم رغبته في العودة إلى أوكرانيا. رغبة وجدت رينات أخمتوف (مالك شاختار)، سييرجي
تاروتا (مالك ميتالورغ ونادي أوكراني آخر) وهايرابتيان، كلهم أرادوا بيع مخيتاريان
مقابل 35 مليون يورو للنادي الداغستاني آنجي مخشكالا الذي كان يصرف بسخاء.
استجاب مخيتاريان بتعيين وكيل أعمال اللاعبين الشهير الإيطالي مينو رايولا
(وكيل أعمال نجوم أبرزهم بوغبا وإبراهيموفيتش)، المعروف بقوة مفاوضاته وقدرته على
جعل انتقالات مستحيلة واقعية. مخيتاريان يمكنه حينها أن يعتمد أيضاً على دعم
والدته مارينا تاششيان (مديرة المنتخب الأرميني لكرة القدم) وأخته مونيكا (مساعدة
رئيس الويفا ميشيل بلاتيني)، مع قيام المرأتين معاً باستعمال تأثيرهما من مركزيهما
من أجل الضغط على هايرابتيان حتى لا يمانع حلم الأرميني في الانتقال لغرب أوروبا.
في أوكرانيا، بالتحديد، عديد اللاعبين من أمريكا الجنوبية تمتلكهم أنديتهم تحت
شروط بالغة في التعقيد، مما تجعل بشكل طبيعي وكيل الأعمال صاحب الدور الرئيسي.
البرازيلي ويليان، الذي يلعب حالياً في تشيلسي، كان موقفه مشابهاً لمخيتاريان.
في صيف 2012، ذكر ويليان أنه جاهز للرحيل عن شاختار مع عدم تفكير أخمتوف في تحقيق رغبات البرازيلي. خلال فترة التوقف الشتوي في الدوري الأوكراني
الممتاز، تناشرت شائعات عن رغبة اللاعب في الانتقال إلى تشيلسي.
بدل ذلك، أنجي مخاشكالا الذي يمتلكه الملياردير سليمان كيريموف، دفع 35 مليون
يورو من أجل نقله إلى النادي الداغستاني.
بالنسبة لتشيلسي، كل شعور بضياع فرصة التعاقد مع اللاعب زال بعد فترة قصيرة
إثر الانحدار السريع والدراماتيكي لآنجي
في صيف 2013 بمغادرة المُلَّاك، ويليان كان ضمن ذلك وبدل انتقاله إلى شمال
لندن للانضمام لتوتنهام اتجه غرباً إلى النادي الذي يمتلكه رومان أبراموفيتش.
كان السبيرز قريبا من إنهاء الصفقة لكن تدخل أبراموفيتش بشكل مباشر مستخدماً
اتصالاته مع وكيل ويليان كيا جورابشيان ومالك آنجي كيريموف لحسم الانتقال.
كيا جورابشيان
مثل أغلب البرازيليين في شاختار، ويليان كان يتخذ وكيل أعمال اللاعبين
الإيراني الأصل جورابشيان، الذي كان متواجداً خلال إنهاء التعاقد بين تشيلسي
وآنجي. جورابشيان كان وراء انتقال كارلوس تيفيس وخافيير ماتشيرانو من الأرجنتين
إلى كورينشيانس البرازيلي، ولاحقا إلى ويست هام في البرميرليغ.
في 2004، سجَّل النادي البرازيلي
اللاعبين معا وحقوقهما كانت مملوكة لصندوق استثماري، وانتقلا إلى ويست هام في
إنجلترا، مالكو كارلوس تيفيس كانوا وراء اتخاذ قرار أين وبكم يمكن أن ينتقل اللاعب
وبالتالي تم تغريم ويست هام مبلغ 5.5 مليون يورو -بلغت خسائر النادي أكثر من 30
مليون جنيه استرليني- بسبب خرق أحد قوانين البرميرليغ مما يعني أنه أي نادي لا يجب
أن يدخل في عقد يضم طرفاً ثالثاً.
جورباشيان دائما ما يدافع عن ملكية الأطراف الثلاثة، ويراها طريقة لمساعدة
لاعبي أمريكا الجنوبية، والبرازيليين بشكل خاص، من أجل أن يجدوا موطأ قدمٍ في كرة
القدم الأوروبية -تقريبا 90% من لاعبي الدرجة الأولى في البرازيلي عقودهم تتضمن
طرف ثالث. في الماضي، جورباشيان ووكالة لاعبيه MSI استثمرا في كرة القدم بالاتحاد السوفياتي سابقا وفي
تسيسكا موسكو ودينامو موسكو على الخصوص. لكن تأثيره الأكبر يظهر في كرة القدم
الأوكرانية مع شاختار دونيتسك.
صحيفة الغارديان البريطانية ضمن سلسلتها حول ملكية
الطرف الثالث في كرة القدم، كشفت أن أوروبا الشرقية هي جنة بالنسبة لمثل هاته
العقود مع قضية مخيتاريان كمثال واضح حول الظاهرة. لكن كما يشرح الصحفي الأوكراني
ألكسندر تكاتش، فإن هذه العقود شائعة بين البرازيليين في شاختار وباقي اللاعبين
الأجانب في الدوري، ولكن نادراً ما تطبق في حالة الأوكرانيين.
أضحى شاختار يضمن المشاركة في دوري الأبطال، والدوري الأوكراني أصبح يعرف
منافسة، مع تواجد مدرب ممتاز جعل النادي المتواجد في منطقة دونباس المكان المناسب
لانطلاق المواهب القادمة من أمريكا الجنوبية الطامحين لوضع بصمتهم في كرة القدم
الأوروبية.
إضافة إلى ذلك، ميرسيا لوشيسكو، المدرب الأسطوري
لشاختار شكل مزيجاً بين المهارات الأمريكية الجنوبية -وبالأخص البرازيلية- مع
أسلوب لعب الأوكرانيين القوي والصلب. هذا جعله واحداً من أكثر المدربين نجاحاً في
أوروبا، وشاختار النادي الأميز في الإتحاد السوفياتي سابقا.
ورغم توفر المالك رينات أخمتوف على موارد واسعة،
إلا أن شاختار أصبح يعتمد على قدرة جورابشيان في جلب المواهب من أمريكا الجنوبية.
استفاد النادي من المواهب البرازيلية العديدة التي
كان جورابشيان سببا في قدومها إلى منطقة دونباس،
لكن قوة وكيل الأعمال ظهرت في صيف 2014 عندما امتنع عدد من اللاعبين من أمريكا
الجنوبية العودة إلى أوكرانيا.
وكما هو معروف فإن منطقة دونباس في شرق أوكرانيا تعرف معارك بين الحكومة
الأوكرانية في كييف والمقاتلين المطالبين بالانفصال والموالين لروسيا وسقوط
الطائرة الماليزية MH17 على بعد 31 ميل من كيف، وفي يوليو 6 لاعبين (5
برازيليين بينهم لاعب دولي هو بيرنارد وآخر أرجنتيني) أبدوا رفضهم العودة إلى
أوكرانيا بعد مباراة ودية في فرنسا أمام أولمبيك ليون، بسبب الوضع الأمني والسياسي
هناك.
لوشيسكو انتقد بشكل مباشر جورابشيان من أجل استغلال الوضع الصعب في أوكرانيا
من أجل دفع شاختار على بيع اللاعبين بسبب قيمتهم السوقية لأندية غرب أوروبا.
أخمتوف وعد بأنه لن يبيع أيّاً من لاعبيه حتى وإن كان ذلك قد يجعله يبقيهم حتى
نهاية عقودهم دون لعب.
تم حل الخلافات بين الأطراف وعاد اللاعبون إلى شاختار، وكانوا جزءاً من الموسم
الحالي 2014|2015. شاختار كان يجب عليه أن يتدرب في كييف ويلعب على
"أرضه" على بعد 1000 كيلومتر عن ليفيف في غرب أوكرانيا، لكن على الأقل
استطاعوا التحكم بعض الشيء في العلاقة التي تربط النادي بوكيل الأعمال واسع
النفوذ.
بعد كل شيء، شاختار مرتبط جدا بخدمات الكندي
الإيراني بحكم شبكة اتصالاته التي تجعل النادي قادرا على جلب لاعبين مميزين من
أمريكا الجنوبية. شاختار -بجانب بورتو- يعتبر "الحجر الأساس" الأكثر
شهرة لأي موهبة من أمريكا الجنوبية للانتقال إلى أوروبا. ووصول شاختار لمرحلة أن
يكون النادي الأنجح في الاتحاد السوفياتي سابقا متفوقا على أندية روسيا هو في حد
ذاته يستحق كل ذلك.
للتواصل مع (شرف الدين عبيد) عبر تويتر - اضغط هنا @charafed09 وللتواصل مع شرف الدين عبيد عبر صفحته على الفيس بوك اضغط هنا |