ماوريتسيو ساري: مسيرته وأسراره التكتيكية
at
16:23
Labels:
الدوري الإيطالي,
السيري آ,
غونسالو إيغوايين,
لورينتسو إنسينيي,
ماريك هامشيك,
ماوريتسيو ساري,
نابولي
Posted by
Unknown
كان موسم 2014-2015 مخيبا لنابولي: بدأ بشكل سيء بالإقصاء من ملحق دوري
الأبطال أمام أتليتيك بيلباو، وانتهى أسوأ، بالخسارة 2-4 أمام لاتسيو ما جعل
البارتينوبي يُضيع فرصة المشاركة في دوري الأبطال للموسم الثاني على التوالي. خلال
سنته الثانية في النادي، تراجع بينيتيث خطوة للوراء، في واحد من أسوأ مواسمه في
مسيرته التدريبية، وبشكل مفاجئ وجد نفسه بعد ذلك مدرباً لريال مدريد.
انتقال رافاييل بينيتيث إلى ريال مدريد بعد نهاية مرحلة تدريبه لنابولي –ربما
كان القرار الأفضل، جعلت رئيس النادي دي لاورينتيس يبحث عن مدرب جديد الذي لم يكن
سوى ماوريتسيو ساري، الذي قدم موسماً مميزاً في إيمبولي. فريقه الذي كان صاعداً
حديثاُ للسيري آ أبهر الجميع بأسلوب تميز بالمرونة والشغف في امتلاك الكرة
وتدويرها مع تنظيم قوي.
خلال فترة التوقف الدولي في مارس|أذار، سينيسا ميهايلوفيتش، الذي كان حينها
مدرباً لسامبدوريا، سأل ساري إن كان باستطاعته زيارة إيمبولي وملاحظة تدريبات
فريقه. لم يجد ساري في ذلك مانعاً، حتى وإن كانت ما زالت هناك مباراة بينهما في
السيري آ في مايو|أيار. قضى ميهايلوفيتش يومين معه في توسكانيا.
ربما كان على الصربي أن ينتبه أكثر. بعد أشهر قليلة لاحقاً، كان إيمبولي على
بعد ثواني قليلة من الفوز أمام سامبدوريا ومدربه ميهايلوفيتش وكان يمكنهم تحقيق
ذلك لولا هدف التعادل الذي سجله صامويل إيتو قبل نهاية المباراة.
بعد نهاية المباراة، ذهب إيتو باتجاه ساري وقال:"من دواعي سروري أن التقى
بكم وأخيراً". اعتقد ساري أن الكاميروني يسخر، لكن
إيتو لم يكن كذلك. وأكد "لقد شاهدت فريقك مرات عديدة، تعجبني طريقة لعب إمبولي كثيراً". بعد
التأكد من أن إيتو لم يكن يمزح، اعترف ساري:" أنا الذي ينبغي أن يكون لي الشرف أن التقى بكم".
لم يتعلم ميهايلوفيتش الدرس ذلك المساء ولم يفعل ذلك ليلة الأحد. فاز
نابولي مع ساري بنتيجة 4-0 أمام ميلان في سان سيرو للمرة الأولى منذ 1956. آخر
مدرب استطاع تحقيق ذلك أمام الروسونيري في ملعبهم كان جوزيه مورينيو في الموسم
الذي توج في الإنتر بكل شيء.
ساري مع رئيس نابولي دي لاورينتيس
بعد بداية بطيئة، قدَّم نابولي تحت قيادة مدربه الجديد أداءاً مثيراً مع تحقيقه انتصارات مدهشة أمام فرق كبيرة. استطاع ماوريتسيو سارِّي أن يُشكل فريقاً قوياً جداً من جوانب عديدة في وقت قصير. يجب أن نتذكر أن نابولي قام بأبطأ بداية في موسم منذ 2000 بتحقيقه نقطتين فقط من أول 3 مباريات. حتى دييغو مارادونا صرَّح حينها أن ساري لم يكن الرجل المناسب لقيادة النادي الجنوبي.
بعد انتقادات مارادونا، قال أوريلي
ودي لاورينتيس:"نحتاج ترك ساري وشأنه، لأنه إن أضفنا أي ضغط إضافي لهذا
الموجود مسبقاً في المدينة، يمكنه أن يتحول من تدخين 300 لـ 600 سيجارة".
المعاناة الأكبر للمدرب لم تكن في خصوم نابولي، بل في منعه من التدخين. ساري صرًح
سابقاً أنه لن يُقلع عن التدخين، حتى وإن حقق نابولي السكوديتو.
بعد رحيل المدرب الإسباني، أراد دي
لاورينتيس التعاقد مع يورغن كلوب -الذي أصبح "النورمال وان" في ليفربول
مؤخراً. سافر أيضاً لإسبانيا للقاء أوناي إمري وكان لديه اتفاق مع ميهايلوفيتش.
أخبر ميهايلوفيتش رئيس البارتينوبي أنه تأخر أسبوعين في عرض الوظيفة، لكن اختيار
سينيسا تدريب ميلان كان أمراً إيجابيا حتى ينتقل للاتصال بساري.
دي لاورينتيس مالك البارتينوبي، قرر أن يقوم بتغييرات على مستوى الإدارة أيضاً،
واختار كريستيانو جيونتولي كمدير رياضي جديد خلفاً لريكاردو بيغون، الذي تواجد في
النادي في آخر 6 سنوات. جيونتولي بدأ من الأسفل مثل ساري، صاحب الـ43 سنة كان
المدير الرياضي لكاربي منذ 2009 حتى صيف 2015. ما حدث في كاربي خلال السنوات
القليلة الماضية كان مثالاً حقيقياً لما يعرف بـ "Moneybal" في كرة القدم: بداية من السيري دي وصولاً
للسيري آ بتحقيقه الصعود 4 مرات في 5 سنوات، بالفوز بالسيري بي بطريقة مميزة
والمفتاح في ذلك كان الصفقات المميزة التي قام بها النادي من دون أن تكلف شيئاً.
سيجارة وقهوة إسبريسو .. إيطالي أصيل
بدأ مسيرته في الدرجات الدنيا وخلال مسيرته درب 17 نادياً مختلفاً في 20 سنة ودائماً ما قام بعمل جيد. غريب جداً أن أحداً مثله وصل متأخراً ً للمستوى العالي. التحول من البنك لملعب كرة القدم، كان خياراً ضرورياً في الحياة. بعد صعوده بسانسوفينو للسيري سي ذهب لسانغيوفانيسي مع كل التوقعات.أقوم بالأمر الأفضل في العالم. هذا ليس عملا: يمكنني أن أقوم به حتى بالمجان- ماوريتسيو ساري
تحصل على شهادة في الاقتصاد، التجارة، والإحصائيات، عمل أيضاً كمستشار مالي
حتى 2001، عندما ترك عمله ليتفرغ لعمله التدريبي في يانسوفينو، نادٍ صغير في
مقاطعة أريدزو. أخيراً، في موسم 2013-2014 من السيري بي، تواجد في المركز الثاني
بالدوري وصعد للمرة الأولى للسيري آ.
مهندس هذا الإنجاز، مدير فني اعتمد أسلوب
لعب ممتع، بالضغط من الخط الأمامي، تطبيق مصيدة التسلل، وتركيز على الكرات الثابتة
وواحد من أفضل التنظيمات الدفاعية في إيطاليا، إن لم يكن في أوروبا –لذلك لا
نستغرب تحول ألبيول وكوليبالي لقلبي دفاع مميزين.
لدى نابولي
مدرب جديد، والمدربون الجدد يأتون بالتغيير. طرقٌ مختلفةٌ، أفكار تكتيكية مختلفة، أساليب
مختلفة في تقييم اللاعبين. 4-2-3-1 الهجومية التي اعتمدها رافا بينيتيث، تحولت من
خطة مميزة لتكون في نابولي سهل التنبؤ بها، واستغلها المدربون الذين شاهدوا
تكتيكات مثل مرات عديدة على مدى العقد الماضي.
ما يميز نظام ساري، وما يجعله ينجح، في خط
الوسط المكون من 3 لاعبين. مثل ماكس أليغري، لاعب الوسط الدفاعي هو صانع لعب متأخر
-لكن ساري لا يعتمد على ريجيستا مثل ما اعتاد أليغري. ذلك لأنه لا يمتلك آندريا
بيرلو- مع لاعبي وسط على جانبيه box-to-box يقومان بدور المساند.
قدم مع إيمبولي أفضل أداء له بطريقة 4-3-1-2 مع ماسة في الوسط، نظام نجح بشكل
مثالي في فوزه 4-2 على نابولي بينتيث. مهاجمان/ ماسيمو ماكاروني ومانويل
بوكياريلي؛ ريكاردو سابونارا كرأس الماسة؛ ميركو فالديفيروي في قاعدة الماسة.
تشكيلة نابولي وإمبولي في مباراة الموسم الماضي 2-4
مهاجمو إيمبولي بوكياريلي، ماكاروني وتافانو كانوا 3 هدافين متحركين يتحولون
غالباً خارج منطقة الجزاء لجعل المدافع يبتعد عن مركزه المحدد وبالتالي تصبح هناك مساحة
لانطلاقات لاعب الوسط الهجومي، ريكاردو سابونارا. بدأ ساري بدريس ميرتينز وخوسي
كاييخون في دور المهاجم الثاني، بجانب إيغوايين الذي لا يمكن تعويضه.
ما يتميز به نابولي هو الضغط من الخط الأمامي مع بينيتث، وبالتالي اللاعبون لم
يحتاجوا وقتاً طويلاً لتطبيق ما يريده منهم المدرب الجديد. نابولي أصبح يضغط بشكل
عالٍ أكثر مما كان عليه في الموسم الماضي مثل باير ليفركوزن وبايرن ميونيخ، مما
يجعل الأمر صعباً على الخصم بالاقتراب من مرماه.
اللاعب الذي استفاد أكثر من مجيء ساري –بعد إنسينيي- هو ماريك هامشيك. بينيتيث
كان يجعله لاعب الوسط الهجومي في طريقته 4-2-3-1، وهو ما لم يكن المركز الطبيعي
للسلوفاكي. كان غالباً ما يجد نفسه خارج اللعب، وكان عليه أن يلعب وظهره في مواجهة
المرمى، إذاً لم يكن قادراً على القيام بانطلاقاته باتجاه منطقة الجزاء، ما جعله
يسجل 61 هدفاً في أول 6 مواسم له بالسيري آ (14 مع بينيتيث). الآن ساري قام
بتحويله مجدداً في الوسط، دور يجعل قائد نابولي سعيداً باللعب فيه.
لورينتسو إنسينيي لاعب آخر وُلد من جديد خلال الصيف. بعد إصابته بقطع في
الرباط الصليبي جعله يبتعد عن معظم موسم 2014-2015، حوَّل ساري مركزه، ليكون خلف المُهاجمين في طريقة 4-3-1-2.
إنسينني سجل 10 أهداف وقام بـ6 أسيست في 14 مباراة بينما إيغوايين 10 أهداف و 4
أسيست في نفس العدد من المباريات.
أصبح نابولي يلعب بـ3 لاعبين في الوسط، ماريك هامشيك بدل اللعب في المركز رقم
10 أصبح لاعب وسط مساند يقوم بشغل واحد من نصفي المساحة. البداية لم تكن جيدة
بالخسارة أمام ساسوولو ثم التعادل أمام سامبدوريا ثم إيمبولي، لكن نابولي حقق
نتائج جيدة جداً باللعب بـ 4-3-3 أمام لاتسيو 5-0، تعادل سلبي أمام كاربي 0-0، ثم
بعد ذلك الفوز على يوفنتوس والفوز الكبير 4-0 أمام ميلان في سان سيرو.
التحول لـ 4-3-3 أمام لاتسيو كان ناجحاً. نابولي استطاع بخط وسط أن يصل لعمق
خصمه بسرعة مع عدم قدرة الخصم على التفوق عليه، بتأمين المثلثات. الجهة اليسرى
أصبحت الأكثر خطورة بتواجد إنسينيي ومساندة هامسيك وبحثهما عن المساحة، وبضغطهما
يحدان من خطورة الخصم. ومع تقدم بارولو، ولاعبي الأمام بشكل مبالغ فيه، افتقد نسور
العاصمة الحضور في أنصاف المساحات.
في هذه المباراة قام نابولي بضغط جيد باللعب بذكاء مع تأمين التغطية الدفاعية. ألان بدأ الضغط من مركزه في نصف المساحة اليمنى، مع مساندة كاييخون وهايساي الظهير الأيمن. خلال التحول الدفاعي، يقوم نابولي بالضغط المضاد على الخصم ويضع ضغطاً سريعاً على حامل الكرة أو اللاعب الذي يقوم باستلام التمريرة الثانية أو الثالثة.
ضغط نابولي، يجعل الخصم غير قادر على بناء اللعب من الخلف حتى بعودة لاعب الارتكاز بين قلبي الدفاع لأن إيغوايين وإنسينيي يقومان بتغطية المساحات وإجبار الخصم على لعب كرات طويلة، وهذا يؤثر على بناء اللعب وصناعة الفرص.
أسوأ ما فعله لاتسيو هو اعتماده مراقبة لاعب للاعب مما أثر على التحول الهجومي للفريق في ظل قرب لاعب الخصم من حامل الكرة وعدم وجود مساندة، وبالتالي خسارة الكرة بسهولة.
مراقبة لاعب للاعب كانت أيضاً في الدفاع. إيغوايين يتراجع وتقدم قلب الدفاع -هويدت- للاستمرار في مراقبته يجعل تواجد مساحة يمكن الاستفادة منها.
أمام ميلان وجد لاعبو نابولي أنفسهم أمام دفاع مكشوف بابتعاد الظهيرين ماتيا دي تشيليو ولوكا أنطونيلي عن مركزيهما وتواضع قلبي الدفاع كريستيان زاباتا ورودريغو إلي.
بشكل عام تمركزك في الملعب يُظهر ما أنت قادر عليه في أي مرحلة من المباراة، لأن التمركز الجماعي أمر مهم جداً. إجبار الخصم على التمركز بشكل سيء بينما يكون تمركزك جيداً في أي مرحلة هو مفتاح لعب كرة قدم أفضل.
الدفاع عند ساري
أمام ميلان وجد لاعبو نابولي أنفسهم أمام دفاع مكشوف بابتعاد الظهيرين ماتيا دي تشيليو ولوكا أنطونيلي عن مركزيهما وتواضع قلبي الدفاع كريستيان زاباتا ورودريغو إلي.
بشكل عام تمركزك في الملعب يُظهر ما أنت قادر عليه في أي مرحلة من المباراة، لأن التمركز الجماعي أمر مهم جداً. إجبار الخصم على التمركز بشكل سيء بينما يكون تمركزك جيداً في أي مرحلة هو مفتاح لعب كرة قدم أفضل.
الدفاع عند ساري
الدفاع المثالي لساري يقوم بمراقبة المنطقة وبشكل تام يهتم بالكرة: المدافعون
الأربعة يجب أن يراقبوا، الكرة وليس اللاعب. تكتيك أساسي جعله في مقارنة مع أريغو
ساكي، الذي بالمناسبة من المعجبين الحقيقيين بنابولي.
أريغو ساكي قال مرة:"المرجع الأساسي لم يكن الخصم بل
الكرة"، بينما أكد دافيدي روغاني طريقة دفاع مدربه السابق "عندما
لعبت في إيمبولي، الأمر الأكثر أهمية كان الكرة، ونحن (مدافعو إيمبولي) كنا نتحرك
من أجلها. الآن، مع أليغري، الأهم هو اللاعب".
هذا النظام احتاج الوقت لينجح في تطبيقه، فلم يكن متوقعاً أن نشاهد دفاع
البارتينوبي يفعل مثل ما فعل إيمبولي الموسم الماضي من المباراة الأولى. روغاني،
الذي يتواجد الآن في يوفنتوس، فسَّر جيداً الاختلاف بين طريقة ساري ومعظم النظام
الدفاعي في إيطاليا.
عودة بيبي رينا بين الخشبات ساعدت لكن
قلبا الدفاع، كاليدو كوليبالي وراوول ألبيول هما نفسهما من أتاح تلقي 54 هدفاً
الموسم الماضي والآن ساهما في الحفاظ على نظافة الشباك في آخر 6 مباريات. الإيطالي-البرازيلي
جورجينيو بدأ يستعيد مستواه الذي أظهره في بداية موسمه الأول مع نابولي، ولاعب
الوسط البرازيلي ألان واحد من أفضل صفقات الصيف. على العموم، أكبر تحسن في الدفاع.
لفهم كيف تغير هذا الدفاع، من المثير
أن نشاهد الفرق بين دفاع نابولي في الركنيات مع بينيتث بالمقارنة مع إيمبولي. إسم
شهرة ساري في إيمبولي هو "ميستر 33" بعدد الخطط التي وضعها في كتاب حول
الكرات الثابتة.
أسلوب دفاع ساري في إيمبولي أمام الركنيات - مراقبة كاملة للمنطقة
مراقبة لاعب للاعب مع بينيتيث في الدفاع أما الركنيات
خلاصة
بعد خسارة في افتتاحية الموسم امام
ساسوولو وتعادلين، أصبح ماريتسيو ساري الآن يُثير الانتباه للعمل الذي يقوم به بعد
التحول لـ 4-3-3 والنتائج الكبيرة التي حققها أمام لاتسيو وميلان، وأيضاً الانتصار
أمام يوفنتوس. اللعب الهجومي، وتأمين الكرة، والضغط العالي أظهر لنا مستوى مميزاً.
لكن بكل تأكيد هناك تفاصيل في اللعب ما زال يجب تحسينها، مثل دور كاييخون. على
العموم يمكننا أن ننتظر مباراة كبيرة بعد التوقف الدولي بين نابولي وفيورنتينا
الذي يقدم بدوره أدءاً مُثيراً بطريقة 3-4-2-1 التي يعتمدها باولو سوزا، المتصدر
الحالي للسيري آ.
للتواصل مع (شرف الدين عبيد) عبر تويتر - اضغط هنا @tacticalmagazin وللتواصل مع شرف الدين عبيد عبر صفحته على الفيس بوك اضغط هنا |
تنبيه : المرجوا عدم نسخ الموضوع بدون ذكر مصدره المرفق بالرابط المباشر للموضوع الأصلي وإسم المدونة وشكرا
0 comments: