تحليل تكتيكي: بايرن ميونيخ 2-1 أتليتيكو مدريد


  على مر السنين، سنتذكر هذا الدور نصف النهائي من دوري أبطال أوروبا 2016. الكالديرون واليانتس أرينا. أتليتيكو مدريد وبايرن ميونيخ. مواجهة تليق بنصف نهائي البطولة الأعرق والأمجد في أوروبا.

تشكيلة بايرن: غوارديولا بتشكيلة مختلفة عن مباراة الذهاب –كما توقعتها في تحليلي قبل هذا المباراة.  عودة جيروم بواتينغ ليكون بجانب خافي مارتينيز في قلب الدفاع، فيليب لام ودافيد ألابا في مركز الظهير الأيمن والأيسر على الترتيب. تشابي ألونسو في المركز رقم 6 مع أرتورو فيدال كرقم 8، فرانك ريبيري على الجناح الأيمن ودوغلاس كوستا على الأيسرـ مولر وراء، أو بجانب ليفاندوفسكي.  
تشكيلة أتليتيكو مدريد: استعاد التشولو سيميوني كلًا من دييغو غودين وكاراسكو بعد تعافيهما من الإصابة، بدأ بالأول وأشرك الأخير في الشوط الثاني. غودين وخوسيه خيمينيز في وسط الدفاع،  خوانفران وفيليبي لويس في مركز الظهير الأيمن والأيسر على الترتيب.  غابي وأوغوستو فيرنانديز في الارتكاز.  كوكي وساوول على الطرفين. ثنائي الهجوم غريزمان وتوريس.
بعد مباراة الذهاب، قال غوارديولا أنه قام بدراسة وافية للمباراة التي لعبها فريقه، والتي تبين الوعي الفوري لضرورة إيجاد بدائل للخطة الأصلية لاختراق دفاع فريق سيميوني. تركزت اهتمامات المدرب حول إمكانية استعادة المصاب دييغو غودين، لجعلها خطة صلبة ولا تحتاج لإمكانية تغييرها.
قام غوارديولا بعمل 3 تغييرات في التشكيلة الأساسية مقارنة مع مباراة الذهاب. بواتينغ العائد من الإصابة وتوماس مولر وفرانك ريبيري واستبعاد خوان بيرنات، تياغو ألكانتارا وكينغسلي كومان. سيميوني بمثل تشكيل الذهاب، باستثناء غودين بدلًا من سافيتش في قلب الدفاع.
كان نهج بيب في مباراة الكالديرون على أساس السيطرة على الكرة والمراكز. تياغو ألكانتارا مضمون (أو ينبغي أن يكون) بتحركاته الذكية مع الكرة، في حين كان اختيار وضع دوغلاس كوستا على الجناح الأيسر وكومان أي دون لعب الجناحين على الجانب المعاكس للقدم المعتمدة في اللعب. كانت الفكرة لنقل خطوط أتليتيكو من اليمين إلى اليسار حتى إيجاد مساحة على الجانب الضعيف للاختراق من الجانب. وفشلت الخطة. فشل خط الوسط المكون من 3 لاعبين (تشابي ألونسو، فيدال وتياغو ألكانتارا) في التفوق على خط الوسط الأتليتي واللعب بين الخطوط عبر التمركز في مواقف تتيح خيار التمريرات العمودية من أجل التغلب على تماسك الخصم بدل التمريرات أفقيًا مع الكثافة المعتادة والدقة.بقي ليفاندوفسكي وحده أمام دفاع الكولوتشونيروس، الذي أبطل فعالية  الجناحين، الذين لديهما مهمة نقل الكرات نحو مرمى أوبلاك.
في ستة أيام مرت بين مباراة مدريد والتي في ميونيخ، غيَّر غوارديولا استراتيجيته جذريًا لإيجاد ثغرات في الجدار الذي أقامه سيميوني. المبدأ الأساسي هو اتخاذ مزيد من اللاعبين لخلق مساحات وتوليد مشاكل في دفاع أتليتيكو مدريد.

 بدأ بايرن جيدًا في مباراة الإياب، التي ينبغي أن تكون آخر مباراة لغوارديولا في دوري أبطال أوروبا كمدرب لبايرن. مع عدوانية في الضغط انطلاقًا من 4-1-4-1 نجح فيها الفريق المُضيف بتشكيل ضغط كبير على الروخي بلانكوس لإجبارهم على التراجع في وقت مبكر جدًا بدل الـ15 دقيقة من ضغطهم العالي مع بداية كل مباراة، الأمر الذي جعل فريق التشولو بعيدًا عن إيقاع اللعب.
أمام اثنين من مهاجمي الأتليتي، بدأ تشابي ألونسو ينخفض باستمرار بين خافي مارتينيز وبواتينغ في مرحلة بناء اللعب؛ لام وألابا يوفران حلًا على الجانب و فيدال ينخفض لتوفير حل التمرير العمودي أمام تشابي ألونسو. 
هذا ما يعرف بمصطلح " Salida Lavolpiana " نسبة للمدرب المكسيكي ريكاردو لا فولبي، حيث يتقدم الظهيران وينخفض لاعب ارتكاز بين قلبي الدفاع في بناء اللعب. هذه هي فكرة غوارديولا لبدء العمل والتغلب على الجدار الأول للمدرب الأرجنتيني المكون من ثنائي الهجوم غريزمان وتوريس.

الفريق في طريقة  مختلفة تمامًا عما كان عليه الأمر في مدريد. يبقى فيدال وحده في وسط الميدان والجناحان يميلان للداخل مع مولر في مثل هذا الموقف في خط الوسط الهجومي .

ريبيري، مولر ودوغلاس كوستا خلف ليفاندوسكي، وراء خط وسط أتلتيكو مدريد.

*لعب بواتينغ دورًا رئيسيًا في استحواذ بايرن، الذي لعب في أول دقيقة واحدة من كراته الشهيرة التي يكسر بها خطوط الخصم. يميل تشابي ألونسو أكثر لتصميم اللعب بين قلبي الدفاع وشكل سلسلة من ثلاثة لاعبين، والتي يتم بناء اللعب عبرها. جيروم بواتينغ يتقدم على اليسار، بينما كان خافي مارتينيز يفتح اللعب في الجهة اليمنى. تجرأ كل من المدافعين على حد سواء عند امتلاكهما الكرة للهجوم على نصف المساحة أمامهما، واستفزاز خط وسط الأتليتي.
كان دور فيليب لام غير متوقع. قبل المباراة يمكن أن نتوقع تقريبًا أن القائد سيلعب دورًا مشابهًا لمباراة الذهاب. أعمق وأكثر ميلًا للوسط من نظيره على اليسار.  ولكن بيب لديها خطط أخرى في هذه الليلة. لام لعب من البداية عاليًا جدًا، أعطاه أقصى عرض واندفع بحيث أصبح أمام كوستا في  نصف المساحة الهجومية. في بعض الأحيان، كان بمثابة لام ربع النهائي في مباراة الإياب ضد بورتو العام الماضي، تقريبًا كجناح أيمن أو ظهير-جناح هجومي. على الجانب الآخر كان الفريق ألابا-ريبيري، بوضع مختلف. ريبيري يتناوب دائمًا بين دوره على الجناح ودوره باعتباره يشغل المساحة الشاغرة بين الخطوط. ألابا كان دائمًا ملتزمًا بتعديل توازن تحركات الفرنسي وكذلك انطلاقاته الأمامية .

*الانتشار التمركزي من فريق غوارديولا يلتقي العديد من المتطلبات.  ثلاثة لاعبين وراء ليفاندوفسكي، بين دفاع ووسط أتليتيكو، وتوفير الاستقبال بين الخطوط ما كان غائبًا تقريبًا في مباراة الذهاب وضروري لبعثرة أوراق دفاع سيميوني. تم تصميم الوضع الأولي في أنصاف المساحات الجانبية لتفيز مخاوف دفاع الروخي بلانكوس، وتوفير لحظات ثمينة لاستقبال الكرة على الجانب. وأخيرًا، وجود دعم أقل في وسط الميدان (تياغو أالكانتارا) لصالح لاعب في موقف أكثر تقدمًا (مولر) يعطي الحضور البدني اللازم للتعامل بفعالية أكثر من الكرات التي تصل في منطقة جزاء الخصم .

تقدُّم بايرن بالكرة أكثر سلاسة بكثير من مباراة الذهاب، والثلاثي في الخلف أدار بشكل جيد استفادته من التفوق العددي، يلعب تشابي ألونسو وفيدال في منطقتين منفصلتين مع مهام مختلفة، ودائما في وضع آمن مع الكرة.
فشلت المداهمات المفاجئة من أتليتيكو لتخريب بناء اللعب منخفض لبايرن، لذلك سيميوني، بعد خمس عشرة دقيقة الأولى، تنازل عن الضغط على الخط الأخير من الفريق البافاري في الشوط الأول بأكمله. في نهاية المباراة ستكون هناك فقط 5 كرات استعادها أتليتيكو في خط الوسط الهجومي.

مقارنة مع مباراة الذهاب، بايرن ينقل الكرة عموديًا وليس أفقيًا، ويدير اللعب بأكثر فعالية لسحق أتليتيكو مدريد وتحريك دفاع الخصم.
ألابا وريبيري في تبادل مستمر للموقف على الجانب الأيسر من الهجوم. إذا كان الأهم في بداية عمل النمساوي هو ضمان عرض الملعب، في الاستحواذ على الكرة، يصبح ريبيري على الجانب ويتحول ألابا إلى الداخل، بدعم من فيدال وبناء لعب أكثر فعالية لبايرن مع الفرنسي على الجناح .
ريبيري على الجانب وألابا بدءًا من الموقف الداخلي يتحول للهجوم على المساحة التي تركها خوانفران الذي خرج للتصدي للرقم 7 من بايرن. في منتصف المنطقة هناك ليفاندوفسكي ومولر على استعداد لكرة قادمة. دوغلاس كوستا في موقف داخلي.
فرانك ريبيري هو لاعب بايرن الذي صنع أكبر المخاطر على دفاع أتلتيكو، بـ7 عرضيات، و 6 مراوغات إيجابية وصنع 5 فرص جيدة للتهديف.
*وضع التشولو يده عدة مرات على تكتيك فريقه في الشوط الأول، من حاجته إلى تعديلات لتحمل ضغط بايرن ميونيخ. بعد حوالي 10 دقائق من المباراة البداية في 4-4-2 تحول لخط وسط من خمسة لاعبين مع انخفاض غريزمان على الجانب الأيمن ومن ثم العودة إلى 4-4-2، مع تحول ساوول إلى اليسار و كوكي إلى اليمين 

يمر سيميوني بعد أول 10 دقائق إلى 4-5-1 مع غابي و ساوول في الوسط ، غريزمان وكوكي على الطرفين وأوغوستو فيرنانديز لحماية الدفاع. 

 سيعود أتليتيكو قريبًا إلى 4-4-2
 
 إغلاق الثغرات أسهل الآن عبر مراقبة توجهات اللاعبين - خصوصا في الظهير لويس وخوان فران. على سبيل المثال، إذا كان يعمل ريبيري الآن على جذب الظهير الأيمن للأتليتي وبالتالي تقدم دافيد ألابا، الأمر متروك لأنطوان غريزمان من أجل ملء الفجوة بين قلب الدفاع الأيمن والظهير.

*جلبت التغييرات التي أدخلها غوارديولا فوائد كبيرة للفريق. سيصبح أتليتيكو محشورًا أكثر في الخلف (سيتم وضع مركز الثقل من فريق سيميوني في 36.2 متر، تقريبًا 5 متر إلى الوراء اكثر من مباراة الذهاب) والتحول الدفاعي من بايرن كان مثيرًا للإعجاب،  وذلك بفضل تمركز لاعبيه ما جعل الأتليتي غير قادر على استرداد الكرة، ومساهمة ألابا (5 إعتراضات و 5 فوز بالكرة) وفيدال (8 كرات مسترجعة). لعب النمساوي في مركز أكثر تقدمًا، وبالتالي قادر على الاستفادة من صفاته الدفاعية عند الاندفاع إلى الأمام دون الحاجة للتحقق من العمق، مما يدل على بعض الخلل الأساسي. فيدال من ناحية أخرى، الذي يتوسط الفريق، يجد دائمًا الحل الصحيح بين الضغط على حامل الكرة وإغلاق خط التمرير .

التحول الدفاعي من بايرن

تحسن الانتقال الدفاعي واضح وحاسم: بايرن يحصل على الكرة في متوسط ​​11 مترًا مقارنة مع ما كان في مدريد، زيادة كبيرة في عدد من الكرات المستعادة في نصف ملعب الخصم (21، مقابل 12 في الذهاب).
ببطء ولكن بثبات، يبدو أن أتلتيكو مدريد في طريقة إلى الاستسلام. الدفاع المتأخر من فريق سيميوني يتطلب الانتباه والتركيز العالي جدًا والتضحية بشكل خارج عن المألوف. استمرار الضغط البافاري يؤثر على الآليات المثالية للكولوتشونيروس.

فيليبي لويس الذي يتحرك بشكل غير متزامن مع بقية الخط الدفاعي، مما يتيح لمولر فرصة كبيرة أمام المرمى.
كرة بواتينغ مع تحرك مولر بسبب خطأ في قراءة لويس فيليبي للعبة. مولر مع ليفاندوفسكي لكن دون استغلال مثالي للفرصة.

الخطأ الذي أتى منه هدف تشابي ألونسو نتج من استفادى بايرن من سذاجة أوغوستو فيرنانديز بالتأخر في وقت التدخل على ألابا.

وأخيرا، لا مبالاة خيمينيز أمام منافسه المباشر خافي مارتينيز وركلة الجزاء.
إهدار ركلة الجزاء عن طريق مولر أعطى الشجاعة والوقت لفريق سيميوني، الذي تمكن من الخروج دون مزيد من الضرر في البداية بعد معاناته من 17 تسديدة مقابل 2، ونسبة نجاح تمريرات أقل من 50%.

تغييرات سيميوني. أتلتيكو لا ترحم

قام التشولو بتعديلاته على تشكيلة فريقه مع عودة اللعب في الشوط الثاني. الجناح فيريرا كاراسكو مكان لاعب الارتكاز أوغوستو فيرنانديز في آخر 45 دقيقة من المباراة، وإعادة رسم أتليتيكو في 4-5-1 مع غريزمان والبديل على الطرف الأيمن والأيسر على التوالي ، كوكي وغابي في الوسط والقوة البدنية لساوول لحماية منطقة الجزاء واعتراض الانطلاقات الداخلية من مولر ودوغلاس كوستا.
ظهر أن التغيير لتوفير قدر أكبر على التقدم في الملعب بفضل سرعة كاراسكو، ولكن لا يضمن مزايا واضحة في ظل عدم توصله بالكرات. الخطأ الأول في التحول الدفاعي للبافاري، وأتليتيكو مدريد يحقق التعادل، مما يثبت مرة أخرى كم هو قليل ما يلزم فريق سيميوني ليسجل هدفًا وغوارديولا ليستقبله.
قبل أن يفقد بواتينغ الكرة بتسليمها عند قدمي غودين، ثم بواتينغ وتشابي ألونسو كلاهما من أجل استعادة الكرة من غابي.  إذا كان أحد منهما قد بقي في تغطية الآخر، يمكن تغطية المساحة التي استقبل فيها غريزمان الكرة من كوكي.

تسجيل هدفين في 35 دقيقة أمام أتليتيكو مدريد مهمة صعبة حقًا والتعادل حقق توفير طاقة إضافية للروخي بلانكوس 
تواجد ساوول أمام خط الدفاع قبالة مساحة استقبال دوغلاس كوستا ومولر. لهذا السبب يتفاعل غوارديولا مع خطوة سيميوني والنتيجة تم تغيير الشكل لنوع من 3-3-3-1: الظهيران لام وألابا في موقف وسطي على جانبي فيدال، ريبيري ودوغلاس كوستا على الجناحين ومولر يتحرك حول المهاجم ليفاندوفسكي. 
خطة غوارديولا الجديدة. ريبيري ودوغلاس كوستا على جانبي الملعب، ليفاندوفسكي ومولر في منطقة الجزاء، والظهيران في خط الوسط.
استبدال دوغلاس كوستا بكومان يبرز مسعى المدرب الإسباني في هذا النهج. ينجح التكتيك عبر عرضية من ريبيري ثم  2-1 من ليفاندوفسكي.
مرة أخرى الجانب الأيسر من هجوم بايرن ميونيخ هو الأكثر خطورة. تقدم ألابا يؤدي إلى عرضية رائعة.  فيدال، من خلال وضع جديد  بتأثير من لام، بايرن يمكنه أن يكون أفضل ويمكنه الاستفادة من قوته البدنية أيضًا ضد دفاع الكولوتشونيروس.

الربع ساعة الأخير من المباراة، يحاول بايرن تحقيق هدف التأهل. إضاعة توريس ركلة الجزاء قدمت إثارة إضافية إلى هذا التحدي الشديد. الدفاع القوي من  الروخي بلانكوس، يعترض كل تسديدة ، كل تمريرة حاسمة، والقفز أمام كل كرة عالية، والدفاع بدنيا عن عرين أوبلاك. جدار سيميوني يقاوم وغوارديولا لا يزال ينتظر الهدف على بعد خطوة من المباراة النهائية، ومرة ​​أخرى أمام فريق إسباني -بعد ريال مدريد قبل عامين، وبرشلونة العام الماضي.
للتواصل مع (شرف الدين عبيد) عبر تويتر  - اضغط هنا
@tacticalmagazin

وللتواصل مع شرف الدين عبيد عبر صفحته على الفيس بوك اضغط هنا
إقرأ المزيد Résuméabuiyad