تحليل تكتيكي: نابولي 1-3 روما


  فاز روما على نابولي، في ما كان التحدي لتقديم من سيكون أقرب إلى يوفنتوس، على الأقل في هذا الجزء الأول من الموسم. خطة  الجيالوروسي كانت أفضل من الخصم، مع توجه غير مسبوق: لا يوجد نقص، ومع ذلك، بعض المسائل التي سيكون على سباليتي العمل عليها إذا كان مهتمًا بمحاولة اللحاق بيوفنتوس حتى نهاية البطولة.
  كان يمكن أن يكون صعبًا التنبؤ بتطور المباراة التكتيكية قبل بداية اللقاء، خاصة بالنسبة لقدرة روما موسم 2016/2017 والذي قدم أداءات مختلفة. كانت الشكوك الرئيسية مرتبطة بالاستراتيجية التي اختارها لوتشيانو سباليتي: هل سيعتمد حقًا على لعب يعتمد على الانتظار، من أجل خلق المساحات في مجال واسع للهجوم بفضل سرعة صلاح وحركة دجيكو في العمق؟ أو، سيحاول الاقتراب من الكرة في مساحات منطقته لخلق التفوق العددي والصعود إلى نصف ملعب الخصم؟
وفقا للمؤتمر الصحفي قبل المباراة، بدا اختيار سباليتي ليكون الأول من الفرضيتين: غلق العمق أمام نابولي لإلغاء خطر كاييخون، المتألق في بداية هذا الموسم. في هذه الطريقة، إلا أن روما قد عانى للتقدم في الملعب وخاطر ليكون لديه نفس الاستقرار الدفاعي الذي شوهد في المباراة ضد إنتر.
من جانبه، ماوريتسيو ساري في تصريحات سابقة قبل المواجهة ركَّز أكثر على العامل النفسي والتحفيزي على الظهور التكتيكي. لهذا كان من الصعب أن نعتقد أنه يمكن أن يشوه أي جزء من أسلوب لعبه في محاولة للحد من الجيالوروسي، والذي يتزامن بالمناسبة مع الطرف الأكثر إبداعًا من فريقه، الطرف الأيسر. ثم كان من السهل أن نتصور أن غلام سوف يستمر في التقدم على الجناح وترك كوليبالي في مهمة الخروج لإيقاف محمد صلاح على الطرف، وترك قلب الدفاع الآخر، ماكسيموفيتش، فقط ضد دجيكو (والمواجهة الثنائية بين السنغالي والمصري كانت حاسمة في ميل الكفة لصالح روما).
لذلك، من جهة كان هناك مدرب لديه شكوك، والآخر الذي كان لديه يقين وحيد. وعندما يجتمع المدرب الذي لديه شكوك مع الآخر الذي لديه يقين وحيد من المطلوب بعثرة الأوراق.

التغيير الكبير الأول من سباليتي، يتعلق بالشكل الذي يتغير في مرحلتي الاستحواذ وعدم الاستحواذ (من 3-4-2-1 إلى 4-4-1-1، وهو ابتكار الذي شاهدناه في الدوري الإيطالي من باولو سوزا الموسم الماضي مع فيورنتينا) والذي يغير حتى الموقف المعتاد للفريق. مع إدراج باريديس في التشكيلة الأساسية،  ألمح إلى أن روما لم يذهب للعب مباراة انهزامية تمامًا. خلال الاستحواذ، حاول فريق سباليتي بناء اللعب من خط خلفي من ثلاثة لاعبين، وذلك بفضل التموقع المركزي لخوان جيسوس الذي تم إضافته إلى قلبي الدفاع، وثنائي الارتكاز باريديس ودي روسي.
لذلك، حتى مع وجود بناء مرهق في بعض الأحيان، يمكن أن يتقدم روما في الملعب مع الكرة، مع التفوق العددي في الدفاع (5 لاعبين مقابل 4 عندما كان نابولي يضغط) وتمركز اللاعبين في تلك المناطق التي قال عنها سباليتي بعد المباراة "المساحة الوسطى" (والتي إسمها الأكثر شيوعًا من الإنجليزية أنصاف المساحات).
وعندما لعب المدافعون بأداء جيد تقنيًا (خاصة اليوناني مانولاس، الذي كان يتملص في كثير من الأحيان ضغط إنسينيي والعثور على لاعب في الخلف)، تبادل لاعبو خط وسط سباليتي المراكز ما مكنهم من إيجاد الحرية، وخلق ترابطات تمرير فعالة.
في الصورة أعلاه، صلاح يدخل نصف ملعب نابولي وراء جورجينيو، ويجذب الكرة. باريديس، مع مساعدة من فاسيو، ثم ناينغولان الذي تحرك للخلف في موقعا وسط بين لاعبي وسط الخصم. مع 4 خطوات، تصل الكرة إلى دجيكو في مساحة مفتوحة، يُساعَد أولًا من قبل صلاح، مع بقاء ماكسيموفيتش في موقف واحد على واحد قبل أن يأتي كوليبالي في وقت متأخر.
وفي أحيان أخرى، تبادل ناينغولان وصلاح مركزيهما، مع انخفاض المصري والبلجيكي في موقف وسط بين لاعب خط وسط وظهير نابولي. وبعد، في مناسبات أخرى، كان فلورينتسي محطة وسيطة من سلسلة من التبادلات التي حاولت وضع أحد المهاجمين أمام المرمى. روما نجح في كل مرة لتمرير الكرة من خلال وضع لاعب في نصف المساحة لخطوط الخصم.
روما فضَّل تقدم الكرة من الدفاع عبر مثلثات، وخصوصًا على الجانب الأيمن.
الموقف العالي من فلورينتسي، بتسهيل من التغطية التي وفرها ثلاثي الدفاع، ما سمح لروما، في المرحلة الأولى من المباراة محاولة القيام بخطته، بالحفاظ على ثنائي الرومانيستا المعزولين صلاح ودجيكو ضد قلبي دفاع الخصم. أول من استسلم ذهنيًا في هذه اللعبة المرهقة التي كان فيها دجيكو وصلاح بتبادل مستمر في المهام من المناورة في الخلف إلى الهجوم في الأمام من العمق، كان كوليبالي. واحد من أفضل المدافعين في الدوري الإيطالي لكنه في المقابل، ارتكب خطأ فنيًا أدى إلى الهدف الأول وخطأ في التقييم الذي تسبب في عقاب للمرة الثانية.
كما ذكرنا،  روما غير شكله وتوجهه أثناء عدم الاستحواذ، ما جعله لا يقدم أداءًا مقنعًا كما في المرحلة الأخرى من اللعب. عندما حاول نابولي فرض سيطرته عبر هجمات مكثفة، عاد فلورينتسي ليكون المدافع الرابع على اليمين (مع صلاح الذي سقط لخط الوسط خلال مراحل التمركز الدفاع لروما)، ولكن لكونه في دور الظهير وجد نفسه مضطربًا على نحو متزايد بشأن القرارات التي كان عليه اتخاذها: قبل كل شيء توجهه السلبي وتأخره في القيام بعمله، ومتى سيتابع إنسينيي في الملعب، ومتى يخرج لمواجهة غلام.
وكان الوضع أسهل لجوان جيسوس على الجانب الآخر، على الرغم من أنه في الناحية النظرية كان عليه مواجه أصعب خصم. تمركز البرازيلي في الداخل، مع الحفاظ على موقف قلب الدفاع الأيسر الثالث حتى عندما عاد روما الى خط خلفي من 4 لاعبين. ومع ذلك، وبهذه الطريقة، فقد وضع جسده بين كاييخون والطريق إلى المرمى، وإضافة الأمان الذي توفره تغطية فاسيو.

نابولي
على المستوى الفردي،  لم يجد كاييخون حلولًا أخرى للتعبير عن لعبه بعيدًا عن أنه مراوغ فقط، ولا يمكن أن يواجه الخصم بدنيًا أو يلعب باستمرار بين الخطوط -وعلى أي حال كان حضوره مطلوبًا في المنطقة. لم يتم العثور على حلول حتى من ساري، على الأقل حتى الشوط الثاني:  في الشوط الأول، حاول ألان توسيع الملعب للمناورة وإجبار جوان جيسوس على الابتعاد عن عمق الدفاع، ولكن كان يحدث ذلك بعيدًا دائمًا مما لا يغري مدافعي الجيالوروسي على الخروج.
ساعد السيد هيساي أكثر في الشوط الثاني، عندما بدأ الضغط باستمرار على الطرف الأيمن. ومع ذلك، فقد كان الألباني محدودًا بسبب السقوط الدؤوب من بيروتي. روما، ومع ذلك، وافق على منح الطرفين للخصم مع معرفة أن فاسيو ومانولاس لن يتأثرا بالكرات العالية.  وهكذا كان: في 28 محاولة للعب كرات عرضية من نابولي، تعامل روما مع 27 وكانت واحدة فقط على المرمى.

اثنين من التكتيكات في حالات مماثلة في غضون دقيقة واحدة:  في الأول باريديس يميل للطرف لمتابعة إنسيني، على الرغم من أن في المنطقة هناك فلورينتسي أمام غلام. هامشيك ينطلق في المساحة بين الظهير وقلب الدفاع، وغابياديني غير قادر على تسجيل هدف بعد تلقيه كرة من غلام.
ثلاثين ثانية في وقت لاحق، ألان يستفيد من تساهل باريديس ويذهب للحصول على الكرة من جورجينيو في منطقة يتواجد فيها عدد من لاعبي روما. اضطر باريديس للجري وراء البرازيلي وارتكاب خطأ.
والهجوم من أنصاف المساحات هي واحدة من الخصائص من التحركات الهجومية لنابولي. الكرة العمودية من لاعب الوسط ومدير اللعب، ويعمل لاعبو ساري على الوصول إلى مراكز في النصف الآخر من الملعب وتحريك الفريق المنافس. كما هو متوقع، طلب سباليتي من ناينغولان مراقبة جورجينيو، وهي خطوة يسعى لها الآن كل خصم يواجه النابوليتان، ولكن على عكس ما شوهد من مؤخرًا من جنوى وأتالانتا، بمراقبة لاعبي الوسط المساندين، حاول باريديس ودي روسي السيطرة على المساحة دون أخذ لاعب كمرجع.
ناينغولان يتابع تحركات جورجينيو عند بناء لعب نابولي

وكانت النتيجة أن تدوير الكرة من نابولي كان بطيئًا جدًا، ولكن ناقل الكرة (في كثير من الأحيان واحد قلبي الدفاع) كانت لديه دائمًا القدرة على العثور على لاعب حر بين الخطوط. خصوصًا من جانب باريديس، والذي ليس معتادًا على البحث في ما يحدث وراءه، وضع نابولي لاعبًا بين الخطوط الذي يستلم الكرة ويتمكن من التركيز على الدفاع في وقت لاحق. في المرحلة الأولى من المباراة، حاول من إنسينيي وهامشيك استغلال هذا الخطأ في النظام الدفاعي لروما، دون أن يخرج مدافع من الخط لمنع الخصم من الالتفاف ومواجهة المرمى.
ليست هذه سوى واحدة من آليات فريق ساري الهجومية، التي تمت في المباراة مع دقته المعهودة. لحسن حظ روما، أن نابولي افتقد للعمق الهجومي:  موقف كاييخون وخجل هيساي حرما الفريق من توسيع الملعب؛ في حين كان غابياني في انطلاقاته العمودية وحالات التسلل، بعيدًا عن التزامن التام مع بقية أعضاء الفريق.
في الشوط الأول، سدد نابولي على المرمى من داخل منطقة الجزاء في مناسبة واحدة، في عمل فردي من ألان. بالنسبة للبقية، إذا ما استثنينا أخرى من كاييخون بعد ترابط نادر مع ألان (على الطرف)، وغابياديني على الجانب الآخر، فقد اعتمد الأدزوري على تسديدات من مسافة قريبة خطرة.

التعديلات
  
تغيرت المباراة مع مرور الدقائق، وقبل نهاية الشوط الأول يمكن رؤية أن حراسة ناينغولان لجورجينيو كانت أقل فعالية. حرارة بعد الظهير في نابولي لم تكن سهلة على لاعب خط الوسط البلجيكي ومباراته؛ ولكن كان أيضًا حول جورجينيو، الذي حاول الحصول على أكبر عدد من الكرات وبدأ في التقدم إلى الأمام.
ثم مر روما من 4-4-1-1 إلى 4-5-1 في حالة عدم الاستحواذ، مع ناينغولان في موقف لاعب خط الوسط. وبهذه الطريقة، من ناحية الجيالوروسي وفر حماية بشكل أفضل لوسط الميدان نظرا للكثافة العالية، كما أنهم قدموا أيضًا مسافة أكبر لقلبي دفاع نابولي الذين عليهما بناء اللعب وراء خط منتصف الملعب. لفهم انخفاض روما بين الشوط الأول والثاني، مجرد إلقاء نظرة على الكرات المستردة في نصف ملعب الخصم:  6 في الشوط الأول، 1 فقط في 45 دقيقة.

كان غابياديني مركز الثقل في نابولي أعلى الملعب بالفعل قبل استبداله. كان اللعب أقل على اليمين للأدزوري لكنهم فشلوا في بناء الكثير من اللعب على اليسار.

إلى جانب مساهمات هيساي المشجعة بعد الهدف الثاني للرومانيستا، قام ساري باستخدام دكة بدلائه والسماح بدخول ميرتينز بدلًا من غابياديني، مع الحفاظ على نفس التكتيك. مع  تمركز لاعبي خط وسط روما أمام الدفاع، والمواجهات الفردية لاستعاد الكرة على الجناح، شكل البلجيكي الكثير من الصداع لدفاع الخصم مع محاولات اختراقه خطوط الخصم.  تكتيك يائس، في لحظات صعبة من المباراة، كما اعترف ساري بعد المبارة.
اضطر نابولي عند هذه النقطة، مع تسهيلات من قبل روما المتراجع كثيرًا لحماية الأمتار الأخيرة أمام مرماه، وغير قادر على التقدم في الملعب، فقد أدى إلى سلسلة من الكرات الركنية، واحدة منها ترجمت إلى هدف عن طريق كوليبالي، الذي أشعل المباراة من جديد. على الأقل حتى النتيجة النهائية 1-3 بعد هدف محمد صلاح، في واحدة من اللحظات النادرة التي تمكن فيها الجيالوروسي من البقاء أعلى الملعب.
للتواصل مع (شرف الدين عبيد) عبر تويتر  - اضغط هنا
@tacticalmagazin

وللتواصل مع شرف الدين عبيد عبر صفحته على الفيس بوك اضغط هنا
تنبيه : المرجوا عدم نسخ الموضوع بدون ذكر مصدره المرفق بالرابط المباشر للموضوع الأصلي وإسم المدونة وشكرا
abuiyad