تحليل تكتيكي: نابولي 2-1 فيورنتينا


  صحيفة "لاغازيتا ديلو سبورت" في عنوان واضح على صفحتها الأولى، أرادت أن تعرف فعلاً المتنافسين على السكوديتو وظهر أن هذه المباراة كانت المكان الأفضل للبدء في ذلك. فيورنتينا كان متصدر الدوري، بستة انتصارات من 7 مباريات في الدوري تحت قيادة باولو سوزا.
 بدأ نابولي ببطء، تحت قيادة مدربه الجديد، ماوريتسيو ساري مسيرة وتكتيك ساري، لكن مؤخراً لعبوا أفضل كرة قدم في إيطاليا. سجلوا 18 هدفاً في مبارياتهم الست الأخيرة في كل المسابقات –بينها الانتصارات أمام لاتسيو، يوفنتوس وميلان- بينما تلقوا هدفاً وحيداً.

 
تشكيلة نابولي: بعد بدئه الموسم بطريقة 4-3-1-2 التي كان يطبقها مع إيمبولي الموسم الماضي، استمر ماوريتسيو ساري بالـ 4-3-3 الناجحة في الفترة الأخيرة، وكانت لتصبح سذاجة لتغيير ذلك في مثل هذه المباراة: ألبيول-كوليبالي في قلب الدفاع مع هايساي وغلام كظهيرين أيمن وأيسر، في الارتكاز جورجينيو وعلى يمينه ألان وهامشيك، في الهجوم ثلاثي الهجوم كاييخون؛ إنسينيي وإيغوايين.
تشكيلة فيورنتينا: بالمقابل، دخل باولو سوزا المباراة بطريقته المعتادة 3-4-2-1 التي وصل بها لصدارة الدوري وعدم الخسارة حتى رحلته للسان باولو. توموفيتش، رودريغيز وأستوري  في قلب الدفاع. فيتشينو وباديلي في الارتكاز، كوبا وألونسوعلى الطرفين، بورخا فاليرو وبيرنارديتشي خلف المهاجم الصريح نيكولا كالينيتش.
في أول 20 دقيقة في السان باولو شاهدنا الطريقة التي يرد بها الطرفان االلعب، رغم أن فيورنتينا ظهر بشكل أفضل حتى نهاية الشوط. مثلثات سريعة على الجناح الأيسر بين هامشيك وإنسينيي كانت تجد تدخلات فورية من الفيولا، وحتى المرونة في لعب التمريرات الأولى من أصحاب الأرض كانت تجد خطراً أمام الضغط العالي للاعبي باولو سوزا، الذين كانوا يستعيدو الكرة غالباً، حتى في مناطق خطيرة لكن دون القدرة على التفوق أمام التنظيم الدفاعي لفريق ساري.

ضغط عالي منظم جيداً من فيورنتينا ونابولي لا يعرف كيف يرد: هايساي كان مجبراً على العودة للوراء بالكرة، ويمكن ملاحظة غياب لاعبي نابولي عن منطقة الارتكاز.
في الوسط، فيتشينو وباديلي كانا مسيطرين، الأول من أجل حركيته والثاني للتوازن؛ ما افتقده كان لاعب يتحرك بين الخطوط وغالباً ما عدَّل ذلك عبر الضغط القوي. كالينيتش كان يضغط بشكل كبير ويتابع كل الكرات التي كان من الصعب الوصول إليها تقريباً.
 استطاع فيورنتينا الخروج بالكرة جيداً بفضل العمق الذي ساهم فيه كوبا بلاجيكوفسكي وألونسو، وقدرة ثنائي الارتكاز على التواجد أمام الدفاع لاستلام الكرة. درس باولو سوزا جيداً الضغط واستطاع إجبار لاعبي الخصم على الاختيار بين لاعبين في الضغط.

الـ4-5-1 في دفاع نابولي دائماً بتماسك كبير، لكن ترك مساحات بين الخطوط، مثل هذه الحالة.هنا فيتشينو يستمر في الاستفادة من الحرية المُطلقة ويمرر بعد تحرك كالينيتش خلف الدفاع.


كان لدى نابولي صعوبات غير معتادة في الهجمات خلال الشوط الأول: وصول الكرة لإيغوايين وتحركاته كانت تعني أن الفريق متواجد هجوميا، جورجينيو يحاول التحكم في رتم المباراة لكنه كان يجبر على التمرير عرضياً للطرفين وتقريباً أبداً بشكل طولي. على الجناح الأيسر، وجد هامشيك وإنسينيي مشاكل دفاع الفيولا المتماسك جداً في 4-4-1-1.
ضغط نابولي: التركيز كالعادة على الجهة اليسرى، فيتشينو حر في الارتكاز والكرة يمكن أن تكون سهلة لأستوري في الجانب المقابل. يبدو أن فريق ساري مهتم أكثر بإبقاء الكرة في هذه المنطقة، بالتماسك وإجبار الخصم على ارتكاب الخطأ.

عرف نابولي حاجته للضغط بعدد أكبر: جورجينيو لم بعد خائفاً من التقدم ومراقبة باديلي، هامشيك وإنسينيي يستمران في تقليص خيارات التمرير أمام توموفيتش وإجباره على لعب كرة طويلة لاستبعاد خطر قطع الكرة في منطقة خطيرة.

رغم أن الشوط الأول انتهى دون أهداف لكنه كان جميلاً وممتعاً بين فريقين منظمين بخطة محكمة وتحركات تكتيكية حذرة من اللاعبين، تقريباً مثل مباراة في لعب الشطرنج وأهمية كل حركة. الفيولا كانت له الأفضلية في أغلب فترات الشوط الأول، لكن أثناء الدخول لغرفة تغيير الملابس، ساري لديه الوقت لإيجاد حل للتفوق على باولو سوزا -بعد شربه قهوته الإسبريسو وتدخين بعض السجائر بكل تأكيد.


  الشوط الثاني

بالعودة للملعب في الشوط الثاني، أخذ نابولي المبادرة سريعاً واستطاع تسجيل هدف التقدم مبكراً. كانت هناك أخطاء فردية متعددة من لاعبي فيورنتينا: كالينيتش، باديلي وكوبا، الذين تكاسلوا في الضغط على هامشيك ولم يقرروا هل يقتربوا من السلوفاكي أم لا؛ توموفيتش لم يقرأ التحرك المتوقع من إنسينيي.
سلسلة الأخطاء لم تلغي تألق قائد نابولي، الذي كسر خط وسط ودفاع الخصم، وحتى إنهاء إنسينيي، تحرك وترابط ممتازان. تمركز ضعيف من توموفيتش بجسده، كوبا وباديلي لم يقوما بشيء، تواجد غونسالو إيغوايين بين قلبي الدفاع أعطى عمقاً أكبرَ للهجوم ساعد بإيجاد مساحة كبيرة للتمرير والانطلاق خلف دفاع الفيولا.

أثناء انطلاقة هامشيك، ميرتينز، إيغوايين وإنسينيي كانوا على نفس الخط. التحرك الهجومي الأساسي للمدرب ساري يعتمد على: تقدم الجناحين لإجبار الظهيرين على البقاء في الخلف، وبالتالي المهمة لا تكون سهلة أمام دفاع الفيولا الذي يصبح بأربعة لاعبين ويصعب عليه تغطية كل المساحات.

وللمرة الثانية في الدوري يتأخر فيورنتينا في النتيجة، ومثل أمام تورينو الضربة كانت قوية. في المعركة النفسية بين الفريقين، ظهر الفيولا أضعف في الـ15 دقيقة بعد الهدف.

لاعب الوسط البرازيلي ألان قدم أداءاً جيداً على مستوى التدخلات في الشوط الأول، لعب بقوة أكبر في الثاني: 5 افتكاكات، فاز في 3 ثنائيات وأبعد الكرة 3 مرات وأيضاً المراوغات، وفوق كل هذا قدرته على المساندة والهجوم في المساحة باستمرار، لذلك تقريباً غاب بورخا فاليرو.


هنا إيغوايين يجعل المدافع الذي يقوم بمراقبته يبتعد عن مركزه ومع المراقبة الفردية تصبح هناك مساحات في الدفاع. هنا أستوري يقترب من إيغوايين في منتصف الملعب ثم تمريرة من المهاجم الأرجنتيني للظهير المتقدم هايساي في المساحة.

المباراة أصبحت ممتعة أكثر بحكم الحرية الأكبر تكتيكياً: نابولي غير من خطته بالهجوم عاليا لكن مع كسر الخطوط؛ باولو سوزا استوعب أيضاً في هذه المرحلة خطأه، وأشرك إيليشيتش. اللاعب السلوفيني تمركز بين خطي دفاع ووسط الخصم: حاول وضع كالينيتش في مواجهة الحارس بعد دقيقتين وبعد 20 دقيقة لاحقة مرر له تمريرة حاسمة مثالية لتسجيل هدف التعادل.

أجبر فيورنتينا على تغيير تكتيكي آخر بسبب إصابة ماركوس ألونسو وإشراك رونكاليا: 3 قلوب دفاع مع توموفيتش وكوبا في مركز الظهير-الجناح لتصبح 5-3-2 في الدفاع. خروج ماركوس ألونسو، أفقد فيورنتينا لاعباً دفاعياً مميزاً، ومسانداً للهجوم قادر على تقديم إضافة. 

تواجد إيليشيتش بين الخطوط كان تغيير باولو سوزا الذي جعل فيورنتينا يعود في النتيجة: خطوط نابولي غير متقاربة وساهم في ذلك خسارة كاييخون الكرة بسهولة وعدم قدرة الوسط على الضغط السريع، وكالينيتش استلم كرة بشكل مثالي متفوقاً على كوليبالي. الخطأ الأكبر كان من ألبيول، الذي ذهب لمراقبة بورخا فاليرو دون أن يكون ذلك دوره.

انتقل باولو سوزا لـ 4-3-3 ليؤكد أنه أكثر المدربين مرونة في السيري آ، ذلك بفضل قدرات لاعبيه أيضاً، أشرك باباكار بدل توموفيتش وبالتالي تحول كوبا على اليسار. هنا حاول المدرب الرتغالي مساعدة كالينيتش الذي لم يجد مساندة في المباراة بعد الغياب الكامل لبورخا فاليرو.

حتى في الدقيقة 92، لم يتراجع نابولي للخلف للدفاع عن الهدف بل الدفاع كان بالهجوم والضغط العالي.

خلاصة 

نابولي أكد بأنه فريق قوي تحسن كثيراً على المستوى الدفاعي (تلقى هدفين فقط في آخر 7 مباريات بين الدوري واليوروبا ليغ). فريق ساري أنهى المباراة كما بدأ الشوط الثاني بالهجوم والضغط العالي المستمر لتحقيق الانتصار واستمرارية الأداء المميز في الفترة الأخيرة.

خسر فيورنتينا المباراة، لكن ذلك لا يعني نهاية العمل الكبير الذي يقوم به باولو سوزا تكتيكياً. ربما ما سبب خروجهم من المباراة ذهنيا كان الهدف المبكر الذي تلقوه في الشوط الثاني، لكن المرونة التكتيكية التي أظهرها الفريق في المباراة كانت مميزة رغم أنها لم تعطي التفوق على مستوى النتيجة النهائية بعد قبول الهدف الثاني الذي بدأ من خطأ تقني في وسط الملعب.
للتواصل مع (شرف الدين عبيد) عبر تويتر  - اضغط هنا
@tacticalmagazin

وللتواصل مع شرف الدين عبيد عبر صفحته على الفيس بوك اضغط هنا
تنبيه : المرجوا عدم نسخ الموضوع بدون ذكر مصدره المرفق بالرابط المباشر للموضوع الأصلي وإسم المدونة وشكرا
abuiyad