تحليل تكتيكي: يوفنتوس 3-0 برشلونة

   بعد العودة التاريخية ضد باريس سان جرمان، بدا كأن هذه النسخة من دوري أبطال أوروبا تريد أن تكون من نصيب برشلونة بطريقة ما. كما لو كانت "الريمونتادا" المذهلة والتي لا تصدق مجرد تمهيد لشيء أكبر في الطريق. ولكن قرعة ربع النهائي لم تكن الأكثر سهولة بالنسبة للكتالانيين: يوفنتوس أليغري، مع قدرته التي تشبه الحرباء في مواجهة الخصوم، وربما كان الفريق الأنسب لاستغلال نقاط الضعف التكتيكية التي تميز الآن وفي هذا الوقت البرسا.
بعد الهزيمة المدوية في المباراة الأولى ضد باريس سان جيرمان، قرر لويس إنريكي، مع النجاح، أن يتخلى عن 4-3-3 التي لا معنى لها الآن لاحتضان 3-4-3، مع الماسة في خط الوسط و ميسي رأس "الماسة"، قريب لمساعدة نيمار وإنييستا.
بعد عودة قصيرة إلى 4-3-3 في مباراة السبت الماضي والخسارة 2-0 ضد ملقة، والغياب المؤثر لسيرخيو بوسكيتس، عاد لويس إنريكي إلى 3-4-3 ضد يوفنتوس، مع إشراك ماسكيرانو مكان بوسكيتس و ماثيو في الدفاع على اليسار، أومتيتي في الوسط و بيكي على اليمين.
3-4-3 من برشلونة

بعد إصابة رافينيا، اللاعب الذي عينه لويس إنريكي لشغل الجانب الأيمن في الشكل الجديد من اللعب، كان سيرجي روبرتو لضمان العرض على الجانب الأيمن من هجوم البرسا، مع راكيتيتش في موقف متقدم في الوسط (ودائما ميسي في قمة المعين). على الرغم من تفاجؤ الجميع، في تورينو، خلط لويس إنريكي  الأوراق في منتصف الميدان، وجعل سيرجي روبيرتو في الوسط، وراكيتيتش على رأس المعين وميسي على الطرف اليمين.
في الجانب الآخر، لم تكون التشكيلة الأساسية ليوفنتوس شيئًا جديدًا، حيث اعتمد أليغري على الظهيرين البرازيليين أليكس ساندرو وداني ألفيش، حيث برر الأول بأدائه بشكل كبير اختيار مدربه. خضيرة وبيانيتش في ثنائية الارتكاز من 4-2-3-1، والمهاجم ماندزوكيتش على الجناح الأيسر. باولو ديبالا خلف غونسالو إيغوايين.

*بدأ يوفنتوس المباراة من خلال تنفيذ ضغط هجومي عالٍ جدًا على بناء اللعب المنخفض من البلوغرانا، وغالبا ما يكون غير فعال هذا الموسم عندما يتعلق الأمر بالهروب من الضغط العالي بطريقة نظيفة ومنظمة.

ثلاثي دفاع برشلونة كان في مواجهة إيغوايين، ديبالا إضافة إلى واحد بين كوادرادو وماندوزكيتش. وراءهم، كان لاعبا الارتكاز لكن دون الضغط العالي (أخذا الخصم كمرجع) على ماسكيرانو ولاعبي الوسط، سيرجي روبيرتو وإنييستا. حتى أكثر من ذلك، رابعي دفاع البيانكونيري تقبل التكافؤ العددي ضد خط هجوم برشلونة، مع داني ألفيش وأليكس ساندرو على استعداد للضغط إلى الأمام ضد نيمار وميسي، على التوالي، عندما يذهبان للحصول على الكرة.
الضغط الهائل من يوفنتوس حقق مكاسبَ هامة بإجبار برشلونة على ارتكاب أخطاء (أغلب التمريرات الخاطئة من برشلونة في نصف ملعبهم كانت في الدقائق ال20 الأولى)، مما اضطره لاستخدام كرات طويلة والتي هي فريسة سهلة لدفاع يوفنتوس وعدد من الاعتراضات في وسط ملعب البرسا في أول 5 دقائق من اللعب.
استراتيجية أليغري واضحة وتهدف الآن إلى الضغط على لاعبي الخصم لمفاجأتهم والاستفادة من واحدة من نقاط ضعف تكتيكات البلوغرانا. ساعد ذلك يوفنتوس في الوصول مبكرًا لهدف الافتتاح، كنتيجة لدقة استغلال المشاكل التكتيكية التي لم تحل في فريق لويس إنريكي.

وصفة جديدة من اللوتشو 
منذ اعتماد برشلونة 3-4-3، تغيرت دائمًا البنية التمركزية عندما يضطر للعب مرحلة عدم الاستحواذ، والانتقال إلى 4-4-2 وخفض لاعب خط الوسط سيرجي روبيرتو في الظهير الأيمن، مواءمة رافينيا الجناح مع خط الوسط.
استراتيجية لويس إنريكي ضد يوفنتوس، مختلفة وتوفر الانتقال من 3-4-3 إلى 4-3-3 في المرحلة الدفاعية، عودة سيرجي روبرتو للظهير الأيمن وانخفاض راكيتيتش من الموقف الأصلي كصانع اللعب إلى لاعب وسط أيمن.
الـ 4-3-3 تعين نظريًا ليونيل ميسي جزء محدد جيدًا من الميدان للدفاع. ومن المعروف، مع ذلك، ميل ميسي إلى العمق، وتواجده على الجانب الأيمن يساهم في التحول السلبي، مع ما يترتب على ذلك من فشل دفاعي لا مفر منه.
جعل يوفنتوس من هذا الضعف التكتيكي في برشلونة ميزة بشكل مثير للإعجاب للمضي قدمًا في العملية المؤدية إلى الهدف الأول من باولو ديبالا.
تقدم ميسي للعمق دون استحواذ غير 4-3-3، وراكيتيتش في المنتصف بين خضيرة و أليكس ساندرو تاركًا  مرتين على التوالي لاعب خط الوسط الألماني يستلم الكرة وراء خط الضغط. استغل يوفنتوس بدقة التفوق التمركزي الذي يمنحه برشلونة ووصل بسهولة لمنطقة الخصم.
هدفت العملية للاستفادة من الثغرات التكتيكية للخصم. تغيير اللعب نحو كوادرادو سمح للسيدة العجوز استخدام موقف 1 مقابل 1 لصالحهم بعد إتاحته من برشلونة ضد المدافعين وماثيو لا يستطيع فعل شيء ضد كوادرادو الذي تصله الكرة إلى القدم والكولومبي قادر على الاختراق دون عائق حتى قلب منطقة الخصم، حيث يجد ديبالا، على بعد بضعة أمتار من المرمى، والكرة  بعيدة جدًا.

يوفي دون الكرة
بعد الانتهاء من الضغط العالي مع بداية المباراة والحصول على هدف التقدم، بدأ الضغط الهجومي يهدأ ويصبح أقل استمرارًا ويوفنتوس بدأ يلعب مراحل تمركز دفاعي.
مجهود ماكس أليغري في التحضير للمباراة هو واضح أيضًا في هذا الجانب من اللعب. حدد ميسي، إنييستا و نيمار أخطر لاعبي الخصم وماثيو الرابط الضعيف في بناء لعب البرسا، ومدرب يوفنتوس رسم توجهًا محددًا في الملعب لمواجهة أسلحة برشلونة في محاولة لحد خطورتها.
في الـ 4-4-2 التي لعب فيها يوفنتوس مرحلة التمركز الدفاعي، كان المهاجمان ديبالا و إيغوايين، نظريًا، أمام تفوق عددي من ثلاثة مدافعين من برشلونة، بيكيه وأومتيتي، مما ترك الاستقبال والقدرة على التعامل مع الكرة لماثيو.
ماثيو مع فرصة إتاحة تغيير اتجاه اللعب لكنه الحلقة الأضعف في بناء لعب البرسا وبالتالي يتركه يوفنتوس متاحًا

وراء المهاجمين الاثنين، لا يزال كوادرادو عن كثب إلى جانب بانيتش في منطقة إنييستا في محاولة لجعل استقباله الكرة في المساحة أكثر تعقيدًا. داني ألفيش على مقربة من نيمار، وذلك باستخدام اللاعب الخصم كمرجع رئيسي لموقعه، دون الحاجة إلى القلق كثيرًا حول المحاذاة والمسافة بالنسبة للخط الدفاعي.

نيمار يكاد يكون دائمًا مجبرًا على الاستلام مع ظهره إلى المرمى ومع ضغط من مواطنه البرازيلي. ثم كوادرادو دائمًا على استعداد، في حالة الضرورة لدعم داني ألفيش في السيطرة على المهاجم البرازيلي.
على الجانب الآخر من الميدان، يتحرك برشلونة بطريقة مختلفة، عقب اتجاه ميسي إلى العمق، وشغل الجانب من راكيتيتش أو سيرجي روبيرتو. وبالتالي فإن المسارات المختلفة التي اعتمدها ميسي ونيمار تشير إلى طلب أليغري سلوكًا مختلفًا من أليكس ساندرو مقارنة مع سلوك داني ألفيش. يستمر الظهير الأيسر بالابتعاد عن الطرف مقتربًا من ميسي.
استطاع يوفنتوس الاستفادة من قوة الجزء التكتيكي من الدفاع التمركزي الخاص به، من أجل تقليل المخاطر ضد استحواذ البرسا. ميسي بعيد عن مصادر اللعب الأخرى، وتحركات أليغري عزلت المصادر الرئيسية لخطورة الخصم وبرشلونة لديه بعض الأفكار حول كيفية تحقيق التفوق ضد الدفاع المتماسك من يوفنتوس.
التحركات دون كرة هي مكيفة جدًا بتلك التي يقوم بها ميسي، من خلال الانتقال في جميع أنحاء الجناح الأيمن والتكيف بسلاسة لاحتلال كل ممطقة من الملعب، وكما يحدث في كثير من الأحيان، إلا أن المبادرات الفردية من البرغوث قادرة على تحويل المناورة.
الفرصة الحقيقية الوحيدة في الشوط الأول، والتي يمكن أن تقود برشلونة إلى التعادل وربما تغيير مصير المواجهة، أتت فقط من رؤية عظيمة من ميسي، مع خطأ فادح من داني ألفيش الذي فقد تماما رؤية تحول الكرة إلى إنييستا وظهره إلى ميسي الذي يوجه الكرة.
بفضل تألق بوفون في التصدي لتسديدة الرسام، أتى هدف مضاعفة النتيجة من ديبالا في أقل من دقيقتين والعمل المؤدية إلى الهدف تظهر الاستراتيجية الهجومية من يوفنتوس والقصور الدفاعي المزمن الآن في برشلونة.
بحث برشلونة عن الضغط الهجومي المعتاد، والذي تجاوزه بونوتشي مع تمريرة عمودية مباشرة نحو إيغوايين. المهاجم يلعب الكرة لخضيرة ويوفنتوس يمتلك مساحة كبيرة مفتوحة للهجوم. ديبالا، يتلقى الكرة عند حافة المنطقة دون أي إزعاج من قبل خط وسط البرسا.
تعد هذه العملية مثالًا ممتازًا على صعوبة برشلونة في دعم احتياجاتهم ورغبتهم في الضغط وخطة أليغري في الهروب من ضغط الخصم: خطة لا تعتمد على المناورة، ولكنها موجهة نحو مراجع متقدمة لتقليل المخاطر والوصول قدر الإمكان لمدافعي الخصم في محاولة للاستفادة من محدوديتهم وعدم دقتهم. لإكمال الخطة، تغييرات متكررة في اللعب، كما هو الحال مع الهدف الأول، في محاولة لعزل المدافعين الكاتالونيين في مواقف 1 مقابل 1.

* قرر لويس إنريكي في الفترة الفاصلة بين الشوطين  إجراء تغيير عن طريق إدخال أندريه غوميش عوض جيريمي ماثيو: وبالتالي إعادة تصميم 3-4-3 مع ماسكيرانو كمدافع أيمن مع بيكيه في الوسط وأومتيتي على اليسار. شغل لاعب الوسط البرتغالي الجزء السفلي من المعين. موقف ميسي، على اليمين بداية العملية، ظل دون تغيير، وبالتالي فإن تحرك لويس إنريكي يبدو دون تغيير بأي شكل من الأشكال الصورة التكتيكية للفريق وربما يعني فقط إعطاء فريقه لاعب أفضل يتمثل في أومتيتي (بدلًا من ماثيو) وأندريه غوميش لحركة الكرة.
كما هو الحال في الشوط الأول، اليوفي يبدأ بقوة  ويقوم باسترجاع أغلب الكرات التي قام بها في الشوط الثاني من أول 10 دقائق منه، والوصول إلى التفوق بالهدف مرة أخرى.
بفضل التقدم بثلاثة أهداف، أضاف يوفنتوس من وتيرة استخدام الدفاع التمركزي. أليغري لا يتوقف عن التدريب لحظة ويحسب نسبة المخاطر والمزايا، ويشرك ليمينا محل كوادرادو، لوسط فريقه. حتى تغييره في الدقائق ال 10 الأخيرة بإشراكه رينكون بدلًا من ديبالا ليس مرورًا كسولًا ل 4-3-3 ، ولكن خطوة خاصة لقفل النتيجة بمراقبة ميسي، صانع فرصتين محققتين  إنييستا في الشوط الأول وسواريس في الثاني.

خلاصة
كما يحدث في كثير من الأحيان في إعداد مواجهات خروج المغلوب من ماسيميليانو أليغري كانت مثالية عمليًا. مراحل الضغط العالي في بداية كلا الشوطين، أدت بشكل كبير إلى أهداف السيدة العجوز، وفي الدفاع التمركزي حرم الخصم من المساحات لمناوراته الهجومية. وكان دفاع أليغري بتدابير خاصة مصممة لجعل خطورة برشلونة  المحددة في ميسي، نيمار وإنييستا غير ضارة قدر الإمكان .
هزيمة برشلونة كانت أيضا وقبل كل شيء هزيمة خلط أفكار من مدربه، ضد أخرى واضحة جدًا من ماسيميليانو أليغري. سوف يجتمع الاثنان مرة أخرى في الإياب وفي كرة القدم كل شيء ممكن دائمًا.
للتواصل مع (شرف الدين عبيد) عبر تويتر  - اضغط هنا
@charafed09

وللتواصل مع شرف الدين عبيد عبر صفحته على الفيس بوك اضغط هنا
تنبيه : المرجوا عدم نسخ الموضوع بدون ذكر مصدره المرفق بالرابط المباشر للموضوع الأصلي وإسم المدونة وشكرا
abuiyad