تحليل تكتيكي بايرن ميونيخ 1-2 ريال مدريد


  استغرق الأمر 17 مباراة لرؤية بايرن يخسر مرة أخرى في ملعبه في دوري الأبطال، وكان ريال مدريد من فاز في المرة الأخيرة على وجه التحديد.
المواجهة بين بايرن ميونيخ وريال مدريد هي واحدة من الكلاسيكيات العظيمة في كرة القدم العالمية، والتي كانت كذلك على مدى سنوات: 22 مباراة، بما في ذلك 6 في الدور قبل النهائي. هذا العام كانت هناك أيضًا عودة أنشيلوتي ضد الفريق الذي ساعده على الفوز بالبطولة العاشرة "لا ديسيما"، والذي يقوده الآن تلميذه السابق زيدان، الذي قاده للفوز بالحادية عشرة "لا أونديسيسيما".
للأسف غاب واحد من اللاعبين الرئيسيين في المواجهة، روبيرت ليفاندوسكي، والغيابات الأخرى (هوميلز، فاران، بيبي) يمكن إيجاد لاعبين الذين يمكن تغطية غيابهم في ناديين اثنين بين المرشحين لتحقيق البطولة. لاعب مثل ليفاندوفسكي يشكل وزنًا كبيرًا لبايرن بخصائص وجودة تجعل له اليد العليا ضد أي نوع من الدفاعات، بحركته المستمرة في مساعدة المناورة، والشراسة التي يقدمها طوال المباراة -بايرن افتقد ذلك في هذه المباراة. لذلك كان على أنشيلوتي إيجاد حل لغياب المهاجم البولندي: كان اختيار توماس مولر لا يزال متوقعًا، وكما كان متوقعًا لا يمكن بسهولة أن تعوض لاعبًا بآخرَ لتمويه الغياب، مع لاعبين مختلفين جدًا لتكون قادرًا على مجرد استبدال واحد بالآخر.


منذ انطلاق المباراة، فهمنا أن أنشيلوتي يريد ملء الفراغ الذي تركه ليفا مع لعب يبحث عن العمق من الطرف، وخاصة روبين على اليمين، مع استحواذ مستقر على الكرة بمشاركة الفريق بأكمله، ويتطلب هذا تغييرات مستمرة في اللعب للعثور على اللحظة المناسبة لإيصال الكرة للجناح الطائر والوصول إلى المنطقة وإرسالها إلى مولر أو أولئك الذين يصلون من الخلف: فيدال، تياغو، أو ريبيري على الجانب الآخر.
خطة لعب بسيطة، ولكن مع تغييرات تكتيكية صعبة من زيدان الذي يمكنه مطالبة كازيميرو مراقبة الجناح الأيسر أكثر، وغير قادر على مطالبة مارسيلو بابتكار قراءات دفاعية.
كازميرو في إحدى تدخلاته أمام روبين.

أما بالنسبة للبقية، فإن التلميذ زيدان جيد في دراسة فريق الأستاذ وإدخال ريال مدريد على استعداد في التعامل مع المنافس تكتيكيًا ونفسيًا. كما هو متوقع، يبدأ بايرن بسرعة مع تشابي ألونسو القيادة بخبرته في تغيير اللعبر نحو الجناح، مع تحرك تياغو و فيدال من أجل تقديم خطوط تمرير من خلال الوسط.
ومع ذلك، فإن الحقيقة هي أن البداية السريعة للبافاري لم تؤدي إلى خلق مخاطر حقيقية في المنطقة وهو الشيء الذي يجعل من ريال مدريد فريدًا جدًّا في المسابقة الأكثر أهمية: القدرة على الخضوع للمنافس لكن دون أن يكون أقل شأنًا.
لم يتراجع مدريد عن استراتيجيته الأولية للمباراة، واثقًا من أن اللحظة ستحين عاجلا أم آجلا. زيدان أستاذ في التعديلات الصغيرة على الخصم، وفي هذه الحالة في حين ينشر النموذج الكلاسيكي بثلاثة محاور يطلب من بنزيما التحرك في دعم الفريق عندما تصل الكرة إلى الطرف، بدءا من تحرك خلف ظهر تشابي ألونسو، وحتى يبقى بعيًدا عن فيدال ويظهر فجأة قرب الجناح في الاستحواذ.
في تحركات المهاجم الفرنسي، وفي دقة توزيع كروس الكرة، يجد زيدان  الممر الصحيح للتعامل مع الاستحواذ الذي يبدأ من قدم راموس.
توني كروس بدقته المعتادة في توزيع الكرة. فقط تمريرتين خاطئتين خلال المباراة.

سيرخيو راموس مثالي مع الكرة. مهم جدًا في إخراج الكرة من الخلف. 52 تمريرة صحيحة من أصل 55.


دوري أبطال أوروبا سهل جدًّا على بعض الفرق لأنهم أولًا لا يعانون من الناحية النفسية: ريال مدريد لم يذهب إلى ميونيخ مع التفكير حتى لمدة ثانية ليكون الأضعف (حتى في تلك اللحظات في الشوط الأول التي بدا فيها بايرن متفوقًا تقنيًا). هذه هي نقطة الانطلاق التي تجعلها فعالة قبل التكتيكات: الفريق المضيف يهيمن على الكرة وديناميكي لمدة عشر دقائق الأولى، ولكن لا أحد يحصل على أي شيء، وهنا يسيطر ريال مدريد على المواجهة.

*نقل زيدان بنزيما بعيدًا عن المنطقة، ولكن ترك مساحة مفتوحة لكريستيانو، بمثابة دعم على الجناح، ومساعدة لاعبي خط الوسط.
في الحديث عن بنزيما يجب أن يقال شيء واحد وهو عندما يقوم بالكثير لنجاح المباراة ومساندة زملائه، على الرغم من أن هذا العمل على حساب الأرقام الفردية، كما يفعل، يجب دائمًا أن نثني عليه. في هذه الحالة، نجح بشكل جيد جدًا.
ولكن العمل دون الكرة من بنزيمة ليس وحده الجدير بالذكر فقط، بل وأكثر فائدة في عملية الضغط مع آخرين، مثل مودريتش، الذي يتقدم في المساحة من الوسط وذلك لإحراج استحواذ بايرن، واضطرارهم البحث عن الللاعب البعيد وليس الأقرب لبدء العملية.
الاهتمام مطلوب لبيل في الدفاع ومراقبته ألابا وريبيري، مع الويلزي أكثر فائدة للربط مع لاعبي خط الوسط مع الهجوم.

وهذا سبب بعض الآثار الجانبية على هجوم مدريد، والذي جعل بنزيما يبتعد عن المنطقة، وبيل وكريستيانو بعيدين عن المباراة، وليس عدم القيام بأي شيء ملموس في فترة السيطرة على المباراة، ولكن يبدو أنه يفتقر إلى القدرة على خلق خطورة بالكرة. وباختصار، افتقد لمساهمة لاعبين مثل (مودريتش بيل، مارسيلو) القادرين على التغلب على خط الضغط وتشكيل سلسلة وخلق التفوق العددي في منطقة الكرة.
وهذا يعني أولا وقبل كل شيء عدم وجود خطورة على بايرن من العرضيات المميزة من مدريد أو المرتدات الهجومية، وعندما يبدأ للعب أكثر حسمًا سيأتي هدف من ركلة زاوية عبر رأسية فيدال.
هدف تلته ركلة جزاء ضائعة من قبل فيدال، في وقت كانت الأفضلية لبايرن وينقصه هدف آخر لتأكيد ذلك لكن المحارب التشيلي أضاع الفرصة. ثم كريستيانو مع بدء الشوط الثاني للتو، وبدلًا من ذلك تغير فجأة كل شيء، وبذلك دخل البرتغالي في المباراة وأصبح مع الوقت لاعبًا بتحركات مفيدة لزملائه والمساندة الدقيقة.
ومن الواضح أنه هوسه بالأهداف يجعله متحمسًا عندما يكون إسمه على اللوحة الإلكترونية وتختلف نفسيته. من الهدف، تغير لعب كريستيانو تمامًا، للأفضل: أدى أيضًا إلى ازدياد متاعب بايرن، ويعاني من خطأ يؤدي إلى البطاقة الصفراء الثانية لخافي مارتينيث، الذي يترك البافاري بـ10. هنا تنتهي مباراة بايرن كفريق مسيطر على مصيره.

بعد الطرد 
زيدان يشرك ماركو أسنسيو، الذي يقوم بما فشل فيه بيل مع الكرة. ويضطر أنشيلوتي بدلًا من ذلك إلى الانتقال إلى 4-4-1 وإخراج تشابي ألونسو من أجل إشراك خوان بيرنات في الظهير الأيسر، مع ألابا في قلب الدفاع، وأخيرًا وضع دوغلاس كوشتا عوض ريبيري للقدرة على التحول بسرعة من كلا الطرفين.
ولكن الدونية العددية الشيء الأكثر سخافة من كل شيء، ومعظمها كان في ركلة الجزاء الضائعة أو أهداف كريستيانو الذي كان دون مراقبة: بايرن توقف عن اللعب كمنافس في دوري ابطال اوروبا. فقط فيدال ونوير من بدا أنهما يؤمنان في أنه يمكن أن اللعب على قدم المساواة مع ريال مدريد حتى مع 10. كل الآخرين ابتلعهم الشك وانتهى بهم الأمر إلى ارتكاب أخطاء لا يمكن تصورها، أو تأتي بعد الكرات الثانية.
مهَّد مدريد لنفسه الطريق للتحكم في مصير بايرن، الذي كان مثل الملاكم على الحبال وفي حالة ذهول أمام اللكمات ويكافح فقط لتغطية نفسه بكرامة.
حاصر الميرينغي نوير وسجل الهدف الثاني، عبر كريستيانو أيضًا بعد عرضية لطيفة من أسينسيو، ليتجاوز سجله الشخصي بتسجيل 100  في دوري أبطال أوروبا، وتعزيز أسطوريته أكثر.

فقط تصديات نوير التي لا تصدق في أول مباراة بعد عودته من الإصابة، والتغيير الخاطئ من زيدان -خاميس غير مبدع، ربما بعيد عن مستواه، مكان بنزيما مفيد دائمًا- امتصا هيمنة ريال مدريد وتحقق النتيجة النهائية بالتفوق بفارق هدف فقط.
للتواصل مع (شرف الدين عبيد) عبر تويتر  - اضغط هنا
@charafed09

وللتواصل مع شرف الدين عبيد عبر صفحته على الفيس بوك اضغط هنا
تنبيه : المرجوا عدم نسخ الموضوع بدون ذكر مصدره المرفق بالرابط المباشر للموضوع الأصلي وإسم المدونة وشكرا
abuiyad