تحليل تكتيكي: باريس سان جيرمان 2-1 تشيلسي


  عاد دوري أبطال أوروبا مرة أخرى إلى ملعب بارك دي برانس، مكان مثالي للاستمتاع بمباراة كبيرة في كرة القدم بين فريقين مع طموحات اجتياز هذه المرحلة والوصول لأبعد نقطة ممكنة ولم لا تحقيق البطولة. وهكذا، استضاف باريس سان جيرمان الذي يبتعد في صدارة الدوري الفرنسي بفارق 24 نقطة عن أقرب ملاحقيه، نادي تشيلسي مجدد مع هيدينك بعد رحيل مورينيو. في المباراة التي هيمن عليها، انتظر الباريسيون حتى الدقائق الأخير لأخذ زمام المبادرة قبل أن الانتقال إلى ستامفورد بريدج.

تشكيلة باريس سان جيرمان: اعتمد مدرب النادي الباريسي لوران بلان على طريقته المعتادة 4-3-3، بتواجد رباعي خط الدفاع ماركينيوس، تياغو سيلفا، دافيد لويز وماكسويل. في الوسط: موتا، فيراتي وماتويدي -الفرنسي الوحيد في المباراة. في الهجوم: آنخيل دي ماريا، لوكاس وزلاتان إبراهيموفيتش.
تشكيلة تشيلسي: في غياب القائد جون تيري وكورت زوما للإصابة، كان المدير الفني للبلوز خوس هيدينك مضطرًا لإشراك برانيسلاف إيفانوفيتش بجانب غاري كاهيل في قلب الدفاع، وتحول سيزار أثبيلكويتا للظهير الأيسر ومشاركة الغاني رحمان بابا كظهير أيسر في طريقة 4-2-3-1. جون أوبي ميكل مع سيسك فابريغاس في ثنائية الارتكاز. بيدرو الذي قدم أداءًا جيدًا أمام نيوكاسل يوم السبت، حافظ على مركزه مع ويليان وإدين هازارد خط من 3 لاعبين، وفي الهجوم دييغو كوستا.


دفاع تشيلسي
أظهر تشيلسي معظم المباراة بنية دفاعية سيئة للغاية كانت في صالح قوى باريس سان جيرمان. كانت هناك العديد من المسائل في نظام اللعب الخاص بهم، أولًا كانوا سلبيين للغاية في التراجع والسماح للباريسيين بناء اللعب والاستحواذ. ثانيا أنه افتقدوا التماسك من أي نوع؛ عموديًا كانت المسافة بين الدفاع والوسط كبيرة بما يكفي للاختراق منفردين من باريس سان جيرمان.
أفقيا، كان الجناحان بيدرو وهازارد يقومان بمراقبة رجل لرجل لظهيري الخصم الذين بقيا عاليًا وغالبًا بشكل واسع مما يجعل بيدرو وهازارد يتراجعان للسلسلة الدفاعية في حين أنهما كانا منقطعين أيضًا عن خط الوسط. هذه الأدوار في مراقبة رجل لرجل تعني أن فابريغاس وميكيل كانت لديهما مسافات كبيرة لتغطيتها أفقيًا وعموديًا، وكانا لأسباب مفهومة، نادرًا ما يقدران على القيام بذلك على نحو فعال، وبالتالي افتقر تشيلسي للسيطرة على الارتكاز. هذا يعني أنه كان للبي إس جي عدة خيارات عمودية وقُطرية للوصول إلى الأماكن المهمة:مساحة الرقم 10 وأنصاف المساحات كما هو مبين أدناه.
افتقد تشيلسي أيضًا للتماسك الديناميكي الذي يتضمن القدرة على الحفاظ على مسافات جيدة أفقيًا وعموديًا وكثافة في التحول، الضغط على المستحوذ على الكرة. هذه الديناميكية في التماسك بالغة الأهمية للحد من احتمالات هجوم الفريق في الاستحواذ ولكن أيضا من أجل إجبار تحولات في الاستحواذ. تشيلسي كغيره من الأندية الإنجليزية يفقتد لهذه الوحدة في تحولات التوجه نحو الكرة، الفشل في الضغط على اللاعب الذي يمتلك الكرة بفعالية وافتقار المعرفة البديهية لكيف ومتى القيام بالتغطية، وهذا ما يضاعف من عدم وجود أشكال أخرى من التماسك –الاستفادة من لكتلة دفاعية تشيلسي هي أنها حقًا تسمح لنا قياس نوعية كتلة دفاعية مثل أتلتيكو مدريد ويوفنتوسافتقاد تشيلسي هذه الحركية في التماسك عموديًا الرأسي وأفقيًا وهذا يعني أنه كان لباريس عدد لا يحصى من الاحتمالات للهجوم الذي، كان عليهم استغلالها، ما كان من شأنه أن يضع المواجهة بعيدًا عن متناول تشيلسي.


معاناة باريس سان جيرمان في الهجوم
 كان باريس سان جيرمان كالعادة مرنًا جدًا في الاستحواذ على الكرة مع تناوب تمركزي سلس وترابطات لعب رائعة. مع تمركزهم، تلاعبوا ببنية تشيلسي جيدًا وخلق مساحات كبيرة بين الخطوط التي يستمتع بها لاعبون أمثال دي ماريا، لوكاس وإبراهيموفيتش. كان لديهم وجود مركزي كبير خلقتها حركة الجناحين دي ماريا ولوكاس في الداخل، إضافة إلى ثلاثي خط الوسط وهذا ساعدهم على فرض السيطرة في الاستحواذ على الكرة والمساحة. ساعدهم هذا أيضًا على اختراق خط وسط تشيلسي في عدة مناسبات ولكنهم فشلوا كثيرًا من الشوط الأول من خلق فرص كافية تواكب هذه الهيمنة والسيطرة.

 كان جزء من المشكلة في عدم وجود عمق الذي أضر قدرتهم على الاختراق من العمق، ويعزى ذلك إلى ميل ابراهيموفيتش للتراجع وهي ليست مشكلة في حد ذاتها ولكن هناك حاجة لموازنة هذا التراجع من المهاجم من قبل واحد من الجناحين أو لاعبي خط الوسط –هنا ربما قد يتمنى مشجع باريس على بقاء إبرا بين المدافعين وانتظار وصول الكرة في منطقة الجزاء. كان هذا واضحًا كما بدا البي إس جي خطيرًا جدًا في المناسبات التي كان يقوم فيها دي ماريا أو لوكاس بانطلاقات قُطري خلف دفاع تشيلسي.
مع عدم وجود عمق، عندما يتلقى لاعب مثل دي ماريا أو لوكاس الكرة بين الخطوط مع مساحة للتحويل، كان عليهم أن اللعب على نطاق واسع مما يعني عدة فرص لكرات خلف الدفاع كانت تضيع. فائدة أخرى من الانطلاقات نحو العمق في هذه الحالات بأنها يمكن أن تعطي ناقل الكرة مزيدًا من الوقت والمساحة الذي سيكون بعد ذلك قادرًا على تهديد الخط الخلفي لتشيلسي مباشرة.

التحولات الهجومية لتشيلسي
عانى تشيلسي للخروج من نصف ملعبه في المراحل الأولى من المباراة، وكان هناك عدد قليل أو لم تكن هجمات مضادة لإعطاء راحة للدفاع، وكان هذا نتيجة لإبعاد متسرع للكرة عدة مرات ونقص عام في الهدوء في مواجهة الضغط المضاد لباريس سان جيرمان.
ولكن في نهاية الشوط الأول ومعظم الشوط الثاني  تحسن تشيلسي بشكل كبير في هذا الصدد، وهذا بدأ يسبب العديد من المشاكل لباريس. مع قدرة ممتازة في الحفاظ على الكرة من هازارد، بيدرو وخصوصًا يليان يمكن أن يتحرك تشيلسي إلى الأمام بسرعة في حين قام كوستا كثيرًا بالتهديد عبر تحركات موازنة قُطرية للتوصل إما بكرات خلف الدفاع أو خلق مساحة للآخرين. قدرة ثلاثي خط الوسط الهجومي للعب في مساحات ضيقة يعني أيضًا أنه كان لتشلسي بعض التغيرات ويمكنه الارتداد بنهج أكثر توجهًا نحو الترابطات.

ويليان إلى حد كبير هو السبب الوحيد لوجود تشيلسي في دور الـ16، وهذه المرة لم يرسل ركلات حرة مباشرة في مرمى تراب. ومع ذلك تمكن من الانتقال بين الخطوط في المباراة بأكملها. في  المرات النادرة التي كان فيها لاعب باريسي في منطقته، كان يندفع بمزيد من التسارع مع استمرار الكرة في القدم. إذا كان الباريسيون قد عاشوا الكثير من الضغط ضده، فإنها غلطته.
مشاهدة ويليان أمر ممتع، لاعب لديه القدرة على نقل الكرة من الخلف واللعب تحت الضغط. في  موسم كئيب لتشيلسي، ويليان كان ضوءًا ساطعًا وجلب بعض الأمل. رفع مستواه إلى مستوى جديد.

*لا تختلف مشاكل باريس سان جيرمان في الضغط عن تلك التي يعانيها ريال مدريد.غالبًا ما يتقاسم البي إيس جي نفس النية كما اللوس بلانكوس: استعادة الكرة عاليًا، مباشرة بعد خسارة الكرة مباشرة. هذا ما سمح بالبدء في اتجاه واحد في المباراة لخمس عشرة دقيقة، إلى أن المواجهة بدت تقريبًا غير متوازنة من المعتاد لباريس. لكن سرعان ما تم التفوق على الضغط المضاد الباريسي نظرًت للجودة الفنية لخصمه، ويليان على وجه الخصوص. ولكن لا سيما تمركز أصحاب الأرض خلال الاستحواذ على الكرة الذي وضعهم في خطر عند تغيير الحالة من هجومية إلى دفاعية.
من بين الفرق التي تستحوذ على الكرة في أوروبا (برشلونة، بايرن ميونيخ، ريال مدريد، نابولي، دورتموند، من بين أخرى)، قد يكون باريس سان جيرمان من لديه – مع ريال مدريد- كتلة أقل إحكامًا وتماسكًا. عندما يفقد باريس الكرة أمام منطقة جزاء الخصم، يكون تياغو سيلفا ودافيد لويز في المنتصف، وأحيانا في الخلف. تياغو موتا ليس بوسكيتس في افتكاك الكرة، المرتدات الهجومية للخصوم ممكنة. هناك قلق واضح ولكن تشيلسي لم يستغل ذلك حقًا، بينما باريس، بما في ذلك وقت لآخر، فإنه من أجل تجنب المرتدات الهجومية،سيبدأ اللعب مباشرة جدًا لمصلحته، ويعتمد على قدرات لوكاس المعزول. ومن المفارقات، أنه من خلال هجمة منظمة، أمام كتلة منخفضة جدًا الباريسي، خلق البلوز فرصتهم الأفضل والأولى، رأسية دييغو كوشتا أنقذها بأعجوبة كيفن تراب.

الشوط الثاني
ربما ملاحظة افتقاد فريقه للعمق وكيف أن ذلك أضر قدرته على الاختراق، قام بلان بإعطاء تعليمات للظهيرين للتحرك أعلى وكانا الآن أكثر تقدمًا بكثير في تحركاتهم وراء دفاع البلوز –ماكسويل قام بذلك في الشوط الأول لكن بشكل متأخر، ولو كان أورييه موجودًا لشاهدنا انطلاقاته واستفادته من تمريرات فيراتي في المساحة. الآن يمكن للجناحين -خاصة دي ماريا- الدخول أعمق الذي من شأنه جذب الظهيرين الموجهين نحو مراقبة رجل لرجل للخروج مما يزيد المساحة لظهيري البي إس جي للانطلاق. مع تمتع الباريسيين بالمساحة بين الخطوط يمكنهم اللعب على ماكسويل وماركينيوس الأمر الذي خلق عددًا من الفرص الجيدة من العرضيات والكرات للخلف التي يمكن وربما ينبغي أن تؤدي لإحراز هدف.

تحرك وإنهاء مميزين من كافاني. لم يكن هناك تواصل في دفاع تشيلسي. طلب كافاني الكرة كان مثاليًا، لكن سرعة تنفيذ دي ماريا حاسمة.  دفاع تشيلسي لديه تفوق عددي، ولكن مع نقص تمركزي واضح. 

للتواصل مع (شرف الدين عبيد) عبر تويتر  - اضغط هنا
@tacticalmagazin

وللتواصل مع شرف الدين عبيد عبر صفحته على الفيس بوك اضغط هنا
تنبيه : المرجوا عدم نسخ الموضوع بدون ذكر مصدره المرفق بالرابط المباشر للموضوع الأصلي وإسم المدونة وشكرا
abuiyad