تحليل تكتيكي: ريال مدريد 0-4 برشلونة


   في الكلاسيكو كل شيء ممكن، وكما شاهدنا هذا السبت فكل شيء كان ممكنا ... بما في ذلك سحق ريال مدريد من طرف برشلونة برباعية نظيفة في سانتياغو برنابيو بمدريد. كان من المتوقع أن تكون مباراة متكافئة شيئاً ما، لكن فريق واحد ظهر في المباراة، كان برشلونة بكل تأكيد من ظهر.
Real Madrid vs FC Barcelona - Football tactics and formations

*يعتمد بينيتيز 4-2-3-1 في ظل تواجد تشكيلته المثالية بلعب خاميس على اليمين وبيل خلف المهاجم في الخط المكون من 3 لاعبين. كريستيانو رونالدو على اليسار، لكنه يخلق مشكلاً دفاعياً: البرتغالي لا يساعد مارسيلو مما يُحدث ما يمكن أن نصفه بـ "تأثر الدومينو" حيث يضطر كروس أو مودريتش وسيرخيو راموس على التحرك والمساندة في التغطية وترك مساحات بينهم.
الإصابات أجبرت بينيتيز على التغيير. مع إتاحة الجميع، خاطر المدرب برباعي في الأمام في مواجهة برشلونة على السانتياغو برنابيو، مع ثلاثة عادوا من الإصابة مؤخراً: بيل، بنزيما وخاميس. مُخاطرة في إمكانية جاهزية اللاعبين –خصوصاً بنزيما- ولكن التشكيلة كانت مميزة لفلورينتينو بيريز الأكثر سعادة بمشاهدة تشكيلة أساسية كلها غلاكتيكوس مع الحاجة لمشاهدة ريال مدريد يهاجم بعد الانتقادات التي وُجهت لبينيتيز بأنه يلعب بشكل دفاعي.
مبدئياً، لم يلعب بينيتيز بشكل دفاعي. كاسيميرو كان دائماً اللاعب المهم في الوسط الدفاعي وفي الأشهر الأخيرة اعتبر بأنه لاعب مهم في خطة بينيتيز وفي كل فريق دربه كان يعتمد على لاعب مشابه: قوي، لكنه يلعب ببساطة دون مساندة هجومية. في غياب كاسيميرو، هناك من اعتقد أن كروس سيأخذ مكانه لكن بدلاً من ذلك بدأ كروس ومودريتش معاً كثنائي ارتكاز.
في الأمام، كان هناك خاميس، بيل، رونالدو وبنزيما مع تبادلهم المراكز فيما بينهم.  لعب خاميس على الجناح الأيمن مع تقمه للأمام بينما شكَّل بيل ورونالدو ثنائي يقوم بتبادل الأدوار مع عودة أحدها للخلف أمام الكرة؛ يجب على بنزيما أن شغل المساحات المفتوحة وموازنة هذه التحركات.
ربما أراد بينيتيز أن يتواجد بيل على اليمين مع كريستيانو على اليسار وإيجاد خيارات في الوسط مع خاميس، لكن واجه ريال مدريد مشاكل في تنفيذ ما أراد. التمركز والتحركات لم تكن متناسقة وفي حالات عديدة كان هناك تقارب كبير بين اللاعبين. في بعض المواقف، لم يكن ليستطيع كروس ومودريتش في أنصاف المساحات الدفاعية العثور على باقي اللاعبين المتقدمين في الأمام رغم المساحات المتواجدة في وسط برشلونة.
كان من المفاجئ رؤية رغياب تام لريال مدريد في الوسط
لا بيل ولا رونالدو كانا قادرين على التمركز من أجل استلام الكرة ثم محاولة المراغة، مجموع المساحات التي كانت بين اللاعبين غير مناسبة، مما أدى للعديد من التحولات والضغط المضاد. عموماً، ظهر بناء اللعب بشكل ارتجالي ودون خطة واضحة. وكان برشلونة هنا أكثر على الأقل كمجموعة واحدة في المستوى التكتيكي.
*الخطة كانت بالتقدم في المراقبة، خنق عملية التحول الهجومي للخصم وعزل سواريز ونيمار. مع 5 دقائق كان بيل على اليسار وانضم رونالدو لبنزيما في الأمام. استمر ذلك لعشر دقائق بلعب جيد من رونالدو على اليمين، حتى ظهر سيرجي روبيرتو بديل ميسي في 4-3-3 البرشلونية و استفاد من الفجوة بين مودريتش وسيرخيو راموس وتسلل بشكل قُطري وتحرك لويس سواريز في المساحة التي تركها راموس.
تقدم روبيرتو وتمريرته لسواريز في المساحة خلف راموس
بوجود التحركات أثناء عملية التمرير بشكل مميز من لاعبين أمثال إنييستا وبوسكيتس، مما يُظهر جودة اللاعبين مع تمركزهم واللعب وفق منظور تكتيكي. ثم نيمار وسواريز في الأمام ليس مهارات فردية متميزة فقط، ولكن يكمل بعضهما البعض في تحركاتهما بشكل مثالي.
*أمام الكرة كان يلعب مع الكثير من مواجهات لاعب للاعب والموجهة نحو العمق، والتي دعمت الدفاع، ولكن كان دوره مهماً أيضاً في الهجوم. كان يمكن أن يعطي عمق أكبر بفتح المساحات لألفيس في الدفاع ونصف مساحة أو حتى تبادل المراكز بتقدم الظهير البرازيلي. عند تواجده في الوسط كان التفاعل مع راكيتيتش مهم هنا. يمكن لراكيتيتش أن يتحرك أيضاً إلى الطرف، ويبقى في مساندة بوسكيتس أو فتح مساحات في الوسط بانطلاقاته للأمام.
هذه الأمور البسيطة مكنت برشلونة من تغطية ما يمكن أن يقوم به الريال. واستمرت المشاكل بالنسبة للميرينغي، خاصة بيل ورونالدو والحاجة اللازمة لهما على اليسار في كثير من الأحيان وتغطية هذه المساحة ومساندة الظهير كان يأخذ وقتاً طويلاً، مع ترك خاميس دانيلو وحيداً. مع الترابطات التي كانت على اليمين وتحركات إنييستا المميزة على اليسار، كان برشلونة أمام المساحات المفتوحة للريال فضلاً عن عزل لاعبي الخصم في الوسط.
غالباً ما كان كروس يندفع في الضغط على بوسكيتس، وعندها إنييستا مع رد فعل وتحركات على اليسار. كان هناك إنييستا مع ألبا في كثير من الأحيان حراً، يقومان بترابطات وانطلاقات وبالطبع نيمار، يقوم بخلق المساحة حتى تحت الضغط. التحركات المذكورة مكنت سيرجي روبيرتو من الاستفادة من هذه الفراغات.
*أثبت سيرجي روبيرتو حضوره في الكلاسيكو. سيكون ملعب سانتياغو برنابيو دائماً مكاناً خاصاً له، لعب فيه أول مباراة له في دوري الأبطال في الفوز الشهير لبرشلونة 0-2 في 2011. 4 سنوات لاحقة، كان سيرجي على الموعد مع التألق في مدريد بتمريرة الهدف الأول الذي سجله لويس سواريز.
تألق سيرجي روبيرتو يستمر، من لاعب ظل لسنوات على دكة البدلاء، لم يستسلم أبداً، كان صبوراً، ينتظر فرصته مع استمراره في التعلم من أمثال تشافي وإنييستا.
في هذه المباراة كان من المفاجئ أن سيرجي روبيرتو هو من أخذ دور ميسي. منذ أدائه القوي في مركز الظهير الأيمن، أصبح سيرجي روبيرتو لاعباً مميزاً في الوسط أو حتى خيار للعب على الطرف.

دفاع برشلونة
لم يكن برشلونة دفاعياً ممتازاً بلعبه بـ 4-1-4-1 | 4-5-1. في كثير من الحالات كان نيمار يستمر أعلى قليلاً من أن يكون قادراً على تقديم مساندة ليظهر برشلونة في مواقف بـ 4-3-2-1، لكن ريال مدريد لم يجد كما ذُكر التنظيم اللازم من أجل الاستفادة من المشاكل التي عاني منها برشلونة.

دفاع ريال مدريد
دائماً ما يريد رافا بينتيز أن يدافع ريال مدريد بـ 4-4-2 ويتيح لرونالدو أن يصبح في الأمام مع بنزيما مع عدم مطالبة البرتغالي بالعمل دفاعياً. في بعض الأحيان كانت الطريقة الدفاعية 4-1-4-1 لكنها كانت 4-4-2 حيث نرى كريستيانو على الجناح الأيسر في معظم الحالات.
ريال مدريد بـ 4-1-4-1 دفاعياً 
في الضغط العالي، الذي كان فيه برشلونة يتمركز جيداً في المساحات المفتوحة كان في شكل 4-1-3-2 خلف الخط الهجومي من 3 لاعبين.
الضغط العالي من ريال مدريد
المشكل كان في التحول الدفاعي الذي يستغرق وقتاً طويلاً. كثيراً ما يبقى الطرف الأيسر مفتوحاً وقتاً طويلاً قبل أن يقوم واحد من اللاعبين الأكفاء للعودة للخلف. في بعض الأحيان كان هناك انتشار دفاعي غير متماسك في 4-1-3-2 حيث لم يكن هناك من يتراجع للخلف من أجل المساندة ويستمر قريباً من الهجوم.
أيضاً الضغط المُضاد لم يكن مكثفاً بما فيه الكفاية، وعموماً لم ينجح. كروس حاول في كثير من الأحيان الاندفاع والضغط على بوسكيتس، ولكن هذا أدى إلى فتح المساحات بين خطي الوسط والدفاع. حركات مرنة على اليمين أو إنييستا، نيمار،ألبا تم استغلالها على اليسار.
فابيو كابيلو:"ريال مدريد حاول استعمال نفس خطة العام الماضي أمام البرسا. لم تنجح وكان يمكن أن يكون الأمر أسوأ". لكن مع أنشيلوتي نجحت، لأنه مع الأسباني تختلف لأن 4-2-3-1 | 4-4-2 مختلفة جداً عن تكتيك الإيطالي، ولأنها غير متماسكة دون الكرة.

الشوط الثاني
في الشوط الثاني، بدأ ريال مدريد أكثر نشاطاً وهجومياً، لكن بعد عشر دقائق بلغت النتيجة ثلاثة. إضافة لذلك أشرك بينيتيز إيسكو بدل خاميس بعد خمس وخمسين دقيقة، وبعد ذلك بوقت قصير كارفاخال بدل مارسيلو (أصبح دانيلو الآن على اليسار). لم يتغير الكثير في النظام. كان أساسياً في زيادة تحركات الريال، مع ترابطات أسرع لضمان المزيد من الفرص

انتقل لويس انريكي لمرحلة إجراء التغييرات أيضاً. أشرك ميسي على الجناح الأيمن، تم استبدال راكيتيتش وأخذ دوره سيرجي روبيرتو. في الدفاع كان الآن على نحو أكثر بـ 4-4-2 لأن ميسي يستمر في الأمام ويقوم سيرجي روبرتو بالتغطية على الطرف الأيمن –مثل ما يفعل راكيتيتش. بعد تبديل انيستا – الذي صفق عليه جمهور ريال مدريد - تحول سيرجي روبيرتو للوسط وتولى منير الحدادي المهمة على الجناح، ولعب ميسي الآن أعمق وأكثر أهمية من ذي قبل في الاستحواذ على الكرة. وبرشلونة استطاع تسجيل الهدف الرابع والفوز 4-0.

للتواصل مع (شرف الدين عبيد) عبر تويتر  - اضغط هنا
@tacticalmagazin

وللتواصل مع شرف الدين عبيد عبر صفحته على الفيس بوك اضغط هنا
تنبيه : المرجوا عدم نسخ الموضوع بدون ذكر مصدره المرفق بالرابط المباشر للموضوع الأصلي وإسم المدونة وشكرا
abuiyad